للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قِيلَ يَسْتَدْبِرُ الْحُجْرَةَ وَقِيلَ يَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ. فَهَذَا نِزَاعُهُمْ فِي وَقْتِ السَّلَامِ وَأَمَّا فِي وَقْتِ الدُّعَاءِ فَلَمْ يَتَنَازَعُوا فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ لَا الْحُجْرَةَ. وَالْحِكَايَةُ الَّتِي تُذْكَرُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَنْصُورِ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ فَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ: " هُوَ وَسِيلَتُك وَوَسِيلَةُ أَبِيك آدَمَ ": كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ لَيْسَ لَهَا إسْنَادٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ خِلَافُ الثَّابِتِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِأَسَانِيدِ الثِّقَاتِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ كَمَا ذَكَرَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ إسْحَاقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِثْلَ مَا ذَكَرُوا عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَقْوَامٍ يُطِيلُونَ الْقِيَامَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ يَدْعُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فَأَنْكَرَ مَالِكٌ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَقَالَ: لَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فَإِنَّ الْآثَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ تُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِهِمْ وَعَادَتِهِمْ وَلَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ الْحُجْرَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مَشْرُوعًا لَكَانُوا هُمْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ وَكَانُوا أَسْبَقَ إلَيْهِ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ وَالدَّاعِي يَدْعُو اللَّهَ وَحْدَهُ. وَقَدْ نُهِيَ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ عِنْدَ دُعَائِهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا نُهِيَ عَنْ اسْتِقْبَالِ الْحُجْرَةِ عِنْدَ الصَّلَاةِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ