حُظُوظُهُ الدُّنْيَوِيَّةُ مَعَ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالظَّالِمِينَ أَعْظَمَ فَيَكُونُ هَوَاهُ أَعْظَمَ. وَعَامَّةُ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ الْخُفَرَاءِ هُمْ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ فَإِنَّ لَهُمْ حُظُوظًا يَنَالُونَهَا بِاسْتِيلَائِهِمْ لَا تَحْصُلُ لَهُمْ بِاسْتِيلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ. وَشَيَاطِينُهُمْ تُحِبُّ تِلْكَ الْحُظُوظَ الْمَذْمُومَةَ وَتُغْرِيهِمْ بِطَلَبِهِمْ وَتُخَاطِبُهُمْ الشَّيَاطِينُ بِأَمْرِ وَنَهْيٍ وَكَشْفٍ يَظُنُّونَهُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ وَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُمْ مِنْ الْمُكَاشَفَةِ مَا حَصَلَ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ وَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ الشَّيَاطِينِ وَهُمْ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحْوَالِ الرَّحْمَانِيَّةِ والشيطانية؛ لِأَنَّ الْفَرْقَ مَبْنِيٌّ عَلَى شُهُودِ الْفَرْقِ مِنْ جِهَةِ الرَّبِّ تَعَالَى وَعِنْدَهُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُمُورِ الْحَادِثَةِ كُلِّهَا مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى إنَّمَا هُوَ مَشِيئَةٌ مَحْضَةٌ تَنَاوَلَتْ الْأَشْيَاءَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَلَا يُحِبُّ شَيْئًا وَلَا يُبْغِضُ شَيْئًا. وَلِهَذَا يَشْتَرِكُ هَؤُلَاءِ فِي جِنْسِ السَّمَاعِ الَّذِي يُثِيرُ مَا فِي النُّفُوسِ مِنْ الْحُبِّ وَالْوَجْدِ وَالذَّوْقِ؛ فَيُثِيرُ مِنْ قَلْبِ كُلِّ أَحَدٍ حُبَّهُ وَهَوَاهُ وَأَهْوَاؤُهُمْ مُتَفَرِّقَةٌ؛ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى مَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ إذْ كَانَ مَحْبُوبَ الْحَقِّ - عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِمْ - هُوَ مَا قَدَّرَهُ فَوَقَعَ وَإِذَا اخْتَلَفَتْ أَهْوَاؤُهُمْ فِي الْوَجْدِ اخْتَلَفَتْ أَهْوَاءُ شَيَاطِينِهِمْ فَقَدْ يَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِشَيَاطِينِهِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ شَيَاطِينِ ذَاكَ وَقَدْ يَسْلُبُهُ مَا مَعَهُ مِنْ الْحَالِ الَّذِي هُوَ التَّصَرُّفُ وَالْمُكَاشَفَةُ الْحَاصِلَةُ لَهُ بِسَبَبِ شَيَاطِينِهِمْ؛ فَتَكُونُ شَيَاطِينُهُ هَرَبَتْ مِنْ شَيَاطِينِ ذَلِكَ فَيَضْعُفُ أَمْرُهُ؛ وَيُسْلَبُ حَالُهُ؛ كَمَنْ كَانَ مَلِكًا لَهُ أَعْوَانٌ فَأُخِذَتْ أَعْوَانُهُ؛ فَيَبْقَى ذَلِيلًا لَا مُلْكَ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute