للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ كَالْمُلُوكِ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ يُعَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا: إمَّا مَقْتُولٌ؛ وَإِمَّا مَأْسُورٌ؛ وَإِمَّا مَهْزُومٌ. فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَأْسِرُ غَيْرَهُ فَيَبْقَى تَحْتَ تَصَرُّفِهِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْلُبُهُ غَيْرُهُ فَيَبْقَى لَا حَالَ لَهُ؛ كَالْمَلِكِ الْمَهْزُومِ؛ فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تَفْرِيعِ أَصْلِ الْجَهْمِيَّة الْغُلَاةِ فِي الْجَبْرِ فِي الْقَدَرِ. وَإِنَّمَا يَخْلُصُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَنْ أَثْبَتَ لِلَّهِ مَحَبَّتَهُ لِبَعْضِ الْأُمُورِ وَبُغْضَهُ لِبَعْضِهَا؛ وَغَضَبًا مِنْ بَعْضِهَا؛ وَفَرَحًا بِبَعْضِهَا وَسُخْطًا لِبَعْضِهَا كَمَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَنَطَقَتْ بِهِ الْكُتُبُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ: أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ التَّوْحِيدَ الَّذِي بُعِثَتْ بِهِ الرُّسُلُ أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَيُعْبَدُ اللَّهُ دُونَ مَا سِوَاهُ. وَعِبَادَتُهُ تَجْمَعُ كَمَالَ مَحَبَّتِهِ وَكَمَالَ الذُّلِّ لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنِيبُوا إلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} فَيُنِيبُ قَلْبُهُ إلَى اللَّهِ وَيُسْلِمُ لَهُ وَيَتَّبِعُ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} . وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَمَا نَهَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَبْغُضُهُ وَيَنْهَى عَنْهُ وَيَمْقُتُ عَلَيْهِ وَيَسْخَطُ عَلَى فَاعِلِهِ فَصَارَ يُشْهِدُ الْفَرْقَ مِنْ جِهَةِ الْحَقِّ تَعَالَى. وَيَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيُبْغِضُ مَنْ يَجْعَلُ لَهُ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَإِنْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ كَمُشْرِكِي