للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زَعَمْتُمْ أَنَّ كَلَامَهُ مَخْلُوقٌ فَفِي مَذْهَبِكُمْ قَدْ كَانَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ لَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى خَلَقَ التَّكَلُّمَ فَقَدْ جَمَعْتُمْ بَيْنَ كُفْرٍ وَتَشْبِيهٍ فَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الصِّفَةِ بَلْ نَقُولُ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ. وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ كَانَ وَلَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى خَلَقَ وَذَكَرَ تَمَامَ كَلَامِهِ. فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَخْلُوقٌ خَلَقَهُ اللَّهُ وَذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ نَصِّهِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ مَعَ نَصِّهِ عَلَى الْأَمْرَيْنِ. وَقَالَ إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الجهمي كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ حِينَ زَعَمَ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ. فَقُلْ: أَلَيْسَ اللَّهُ كَانَ وَلَا شَيْءَ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَقُلْ لَهُ: حِينَ خَلَقَ خَلْقَهُ خَلَقَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقَاوِيلَ: وَاحِدَةٌ مِنْهَا إنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ فِي نَفْسِهِ كَفَرَ حِينَ زَعَمَ أَنَّ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ وَالشَّيَاطِينَ فِي نَفْسِهِ. وَإِنْ قَالَ: خَلَقَهُمْ خَارِجًا مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ دَخَلَ فِيهِمْ كَانَ هَذَا أَيْضًا كُفْرًا حِينَ زَعَمَ أَنَّهُ دَخَلَ فِي مَكَانٍ وَحِشٍ قَذِرٍ رَدِيءٍ. وَإِنْ قَالَ: خَلَقَهُمْ خَارِجًا مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ أَجْمَعَ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ. فَقَدْ بَيَّنَ أَحْمَد أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَخْلُوقٌ وَنَصَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُمْ مَخْلُوقَةٌ وَالنَّصُّ عَلَى كَلَامِهِمْ أَبْلَغُ فَإِنَّ الشُّبَهَ فِيهِ أَظْهَرُ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ