للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْهَذَيَانِ فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ عِلْمٌ وَدِينٌ وَإِنْ كَانَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَسْأَلَةِ قِدَمِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ يُعْزَى إلَيْهِ. وَقَدْ أَرَانِي بَعْضُهُمْ خَطَّهُ بِذَلِكَ. فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَكَانَ يَسْلُكُ طَرِيقَة الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ المقدسي الشِّيرَازِيِّ وَنَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ وَيَقُولُ: هِيَ مَقْضِيَّةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَأَمْسَكَ. وَالشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ كَانَ أَحَدَ أَصْحَابِ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَلَكِنْ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى لَا يَرْضَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ بَلْ هُوَ مِمَّنْ يَجْزِمُ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ مَخْلُوقَةٌ وَلَوْ سَمِعَ أَحَدًا يَتَوَقَّفُ فِي الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ - فَضْلًا عَنْ أَنْ يَقُولَ إنَّ أَفْعَالَ الْعَبْدِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ قَدِيمَةٌ - لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَعْظَمَ الْإِنْكَارِ. وَإِنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي مَوَاضِعُ اضْطَرَبَ فِيهَا كَلَامُهُ وَتَنَاقَضَ فِيهَا وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ كَلَامًا بَنَى عَلَيْهِ مَنْ وَافَقَهُ فِيهِ مِنْ أَبْنِيَةٍ فَاسِدَةٍ فَالْعَالِمُ قَدْ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي يَزِلُّ فِيهَا فَيُفَرِّعُ أَتْبَاعُهُ عَلَيْهَا فُرُوعًا كَثِيرَةً كَمَا جَرَى فِي مَسْأَلَةِ " اللَّفْظِ " وَ " كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ " وَمَسْأَلَةِ " الْإِيمَانِ " وَ " أَفْعَالِ الْعِبَادِ ". فَإِنَّ السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ - الْإِمَامَ أَحْمَد وَغَيْرَهُ - لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا قَالُوا: إنَّهُ قَدِيمٌ وَلَا أَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَلَا أَنَّهَا قَدِيمَةٌ. وَلَا قَالُوا أَيْضًا: إنَّ الْإِيمَانَ قَدِيمٌ وَلَا أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَا قَالُوا: إنَّ لَفْظَ الْعِبَادِ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ وَلَا أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلَكِنْ مَنَعُوا مِنْ إطْلَاقِ