للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِيمَانَ مَخْلُوقٌ. وَأَنَّ اللَّفْظَ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ؛ لِمَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِمَا يُفْهِمُهُ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ أَنَّ نَفْسَ كَلَامِ الْخَالِقِ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ نَفْسَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَخْلُوقٌ وَمَنَعُوا أَنْ يُقَالَ: حُرُوفُ الْهِجَاءِ مَخْلُوقَةٌ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقُرْآنُ كَلَامَ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى. فَجَاءَ أَقْوَامٌ أَطْلَقُوا نَقِيضَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَبَدَّعَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. حَتَّى صَارَ يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ " أَفْعَالَ الْعِبَادِ " الَّتِي هِيَ إيمَانٌ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ فَجَاءَ آخَرُونَ فَزَادُوا عَلَى ذَلِكَ فَقَالُوا كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ مُؤَلَّفٌ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ. فَيَكُونُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: فَأَفْعَالُ الْعِبَادِ كُلُّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَالْبِدْعَةُ كُلَّمَا فُرِّعَ عَلَيْهَا وَذُكِرَ لَوَازِمُهَا زَادَتْ قُبْحًا وَشَنَاعَةً وَأَفْضَتْ بِصَاحِبِهَا إلَى أَنْ يُخَالِفَ مَا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ الْعَقْلِ وَالدِّينِ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذَا وَبَيَّنَّا اضْطِرَابَ النَّاسِ فِي هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهَا. وَهَذَا كَمَا أَنَّ أَقْوَامًا ابْتَدَعُوا: أَنَّ حُرُوفَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ