للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا تَكْلِيفُ أَبِي لَهَبٍ وَغَيْرِهِ بِالْإِيمَانِ فَهَذَا حَقٌّ وَهُوَ إذَا أُمِرَ أَنْ يُصَدِّقَ الرَّسُولَ فِي كُلِّ مَا يَقُولُهُ وَأَخْبَرَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُصَدِّقُهُ بَلْ يَمُوتُ كَافِرًا لَمْ يَكُنْ هَذَا مُتَنَاقِضًا وَلَا هُوَ مَأْمُورٌ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِتَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي كُلِّ مَا بَلَّغَ وَهَذَا التَّصْدِيقُ لَا يَصْدُرُ مِنْهُ فَإِذَا قِيلَ لَهُ أَمَرْنَاكَ بِأَمْرِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تَفْعَلُهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا تَكْلِيفًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ. فَإِنْ قَالَ: تَصْدِيقُكُمْ فِي كُلِّ مَا تَقُولُونَ يَقْتَضِي أَنْ أَكُونَ مُؤْمِنًا إذَا صَدَّقْتُكُمْ وَإِذَا صَدَّقْتُكُمْ لَمْ أَكُنْ مُؤْمِنًا لِأَنَّكُمْ أَخْبَرْتُمْ أَنِّي لَا أُؤْمِنُ بِكُلِّ مَا أُخْبِرَ بِهِ قِيلَ لَهُ لَوْ وَقَعَ مِنْك لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذَا الْخَبَرُ وَلَمْ يَكُنْ يُخْبِرُ أَنَّكَ لَا تُؤْمِنُ فَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى تَصْدِيقِنَا وَبِتَقْدِيرِ وُجُودِهِ لَا يَحْصُلُ هَذَا الْخَبَرُ وَإنَّمَا وَقَعَ لِأَنَّكَ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ تَصْدِيقِنَا بِهَذَا الْخَبَرِ فَوَقَعَ بَعْدَ تَكْذِيبِكَ وَتَرْكِكَ مَا كُنْتَ قَادِرًا عَلَيْهِ لَمْ نَقُلْ لَكَ حِينَ أَمَرْنَاكَ بِالتَّصْدِيقِ الْعَامِّ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ قِيلَ لَكَ آمِنْ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّكَ لَا تُؤْمِنُ بِهَذَا الْخَبَرِ فَاَلَّذِي أُمِرْتَ أَنْ تُؤْمِنَ بِهِ هُوَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَهَذَا أَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلَا تَفْعَلُهُ وَإِذَا صَدَّقْتَنَا فِي خَبَرِنَا أَنَّكَ لَا تُؤْمِنُ لَمْ يَكُنْ هُنَا تَنَاقُضٌ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ وَنَحْنُ لَمْ نَأْمُرْكَ بِهَذَا بَلْ أَمَرْنَاكَ بِإِيمَانِ مُطْلَقٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَخْبَرْنَا مَعَ ذَلِكَ أَنَّكَ لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ وَلَمْ نَقُلْ لَكَ صَدِّقْنَا فِي هَذَا وَهَذَا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ لَكِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْكَ هُوَ