التَّصْدِيقُ الْمُطْلَقُ وَالتَّصْدِيقُ بِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْكَ حِينَئِذٍ وَلَوْ وَقَعَ مِنْكَ التَّصْدِيقُ الْمُطْلَقُ امْتَنَعَ مِنَّا هَذَا الْخَبَرُ بَلْ هَذَا الْخَبَرُ إنَّمَا وَقَعَ لِمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْكَ التَّصْدِيقُ الْمُطْلَقُ. وَهَذَا كُلُّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ أُسْمِعَ هَذِهِ الْآيَةَ وَأُمِرَ بِالتَّصْدِيقِ بِهَا؛ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛ لَكِنْ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} لَمْ يَسْلَمْ لَهُمْ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ بِإِسْمَاعِ هَذَا الْخِطَابِ لِأَبِي لَهَبٍ وَأَمَرَ أَبَا لَهَبٍ بِتَصْدِيقِهِ بَلْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَنْقُلَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا لَهَبٍ أَنْ يُصَدِّقَ بِنُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ فَقَوْلُهُ: إنَّهُ أُمِرَ أَنْ يُصَدِّقَ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ قَوْلٌ بَاطِلٌ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَنَقْلُهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ بَلْ كَذِبٌ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ؛ فَقَدْ كَانَ الْإِيمَانُ وَاجِبًا عَلَى أَبِي لَهَبٍ وَمِنْ الْإِيمَانِ أَنْ يُؤْمِنَ بِهَذَا قِيلَ لَهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ وَجَبَ عَلَى الرَّسُولِ أَنْ يُبَلِّغَهُ إيَّاهَا بَلْ وَلَا غَيْرَهَا بَلْ حَقَّتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ كَمَا حَقَّتْ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ إذْ قِيلَ لَهُ: {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَبْقَى الرَّسُولُ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِهِمْ الرِّسَالَةَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَّغَهُمْ فَكَفَرُوا حَتَّى حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ بِأَعْيَانِهِمْ. وَقَدْ يُخْبِرُ اللَّهُ الرَّسُولَ عَنْ مُعَيَّنٍ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ، وَلَكِنْ لَا يَأْمُرُهُ أَنْ يُعْلِمَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute