بِذَلِكَ بَلْ هُوَ مَأْمُورٌ بِتَبْلِيغِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ كَاَلَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {إنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} وَقَوْلَهُ: {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} . فَهَؤُلَاءِ قَدْ يَعْلَمُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ وَبَعْضُ الْبَشَرِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ فِي مُعَيَّنٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ وَإِنْ كَانُوا مَأْمُورِينَ بِتَبْلِيغِهِ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَكْلِيفُهُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَذَلِكَ خِلَافُ الْمَعْلُومِ فَإِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ بِقُدْرَتِهِ وَمَا لَا يَشَاءُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ وَأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ لَوْ شَاءَ لَفَعَلَهُ وَعِلْمُهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَيْهِ. وَالْعِبَادُ الَّذِينَ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ يُطِيعُونَهُ بِإِرَادَتِهِمْ وَمَشِيئَتِهِمْ وَقُدْرَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ خَالِقًا لِذَلِكَ فَخَلْقُهُ لِذَلِكَ أَبْلَغُ فِي عِلْمِهِ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} وَمَا لَمْ يَفْعَلُوهُ فَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِعَدَمِ إرَادَتِهِمْ لَهُ لَا لِعَدَمِ قُدْرَتِهِمْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ بِهِ أَمْرًا بِمَا يَعْجِزُونَ عَنْهُ بَلْ هُوَ أَمْرٌ بِمَا لَوْ أَرَادُوهُ لَقَدَرُوا عَلَى فِعْلِهِ لَكِنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَهُ لِعَدَمِ إرَادَتِهِمْ لَهُ. وَجَهْمٌ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ اشْتَرَكُوا فِي أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ وَمَحَبَّتَهُ وَرِضَاهُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: وَهُوَ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ فَلَا يَشَاؤُهُ فَقَالُوا: إنَّهُ يَكُونُ بِلَا مَشِيئَةٍ وَقَالَتْ الْجَهْمِيَّة بَلْ هُوَ يَشَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute