للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَمْلُوءٌ بِأَنَّهُ يَخْلُقُ الْأَشْيَاءَ بِالْأَسْبَابِ لَا كَمَا يَقُولُهُ أَتْبَاعُ جَهْمٍ إنَّهُ يَفْعَلُ عِنْدَهَا لَا بِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وَقَوْلِهِ: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} {رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} وَقَوْلِهِ: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} وَقَوْلِهِ: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا دُخُولُ لَامِ كَيْ فِي الْخَلْقِ وَالْأَمْرِ فَكَثِيرٌ جِدًّا وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ. وَقَدْ بَسَطَ حُجَجَ نفاة الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ الْعَقْلِيَّةَ وَالشَّرْعِيَّةَ وَبَيَّنَ فَسَادَهَا كَمَا بَيَّنَ فَسَادَ حُجَجِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ. وَحِينَئِذٍ فَالْأَفْعَالُ سَبَبٌ لِلْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ. وَالْفُقَهَاءُ الْمُثْبِتُونَ لِلْأَسْبَابِ وَالْحُكْمِ قَسَّمُوا خِطَابَ الشَّرْعِ وَأَحْكَامَهُ إلَى " قِسْمَيْنِ " خِطَابَ تَكْلِيفٍ وَخِطَابَ وَضْعٍ وَإِخْبَارٍ كَجَعْلِ الشَّيْءِ سَبَبًا وَشَرْطًا وَمَانِعًا فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ نفاة ذَلِكَ؛ بِأَنَّكُمْ إنْ أَرَدْتُمْ بِكَوْنِ الشَّيْءِ