للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِحِكْمَةِ بَالِغَةٍ لَوْ اجْتَمَعَ الْأَوَّلُونَ والآخرون مِنْ عُقَلَاءِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى أَنْ يَرَوْا حِكْمَةً أَبْلَغَ مِنْهَا لَمْ يَرَوْا حِكْمَةً أَبْلَغَ مِنْهَا. لَكِنْ تَفْصِيلُ حِكْمَةِ الرَّبِّ مِمَّا يَعْجِزُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَتِهَا وَمِنْهَا مَا يَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ جَمِيعُ الْخَلْقِ حَتَّى الْمَلَائِكَةُ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ لَمَّا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ: {إنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} قَالَ: {إنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} فَتَكْفِيهِمْ الْمَعْرِفَةُ الْمُجْمَلَةُ وَالْإِيمَانُ الْعَامُّ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ جَمِيعَ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ هُدًى وَرَشَادٍ وَصَلَاحٍ فِي الْمَعَاشِ وَالْمُعَادِ؛ وَمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ؛ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى} وَيَقُولُ: {اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا؛ وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا} وَيَقُولُ: {اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي؛ وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ؛ وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ} وَكُلُّ هَذَا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الصَّحِيحِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ {أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ وميكائيل وَإِسْرَافِيلَ؛ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ