للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقُدْرَةُ عَلَى خَلْقِ الْمُتَضَادَّاتِ قُدْرَةٌ عَلَى خَلْقِهَا عَلَى الْبَدَلِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ إذَا شَاءَ أَنْ يَجْعَلَ الْعَبْدَ مُتَحَرِّكًا جَعَلَهُ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَجْعَلَهُ سَاكِنًا جَعَلَهُ وَكَذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَغَيْرِهِمَا؛ لَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ مُتَّصِفًا بِالْمُتَضَادَّاتِ فَيَكُونُ مُؤْمِنًا صِدِّيقًا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ كَافِرًا مُنَافِقًا مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ وَشُعْبَةٌ مِنْ النِّفَاقِ. وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ وَحِكْمَتَهُ وَرَحْمَتَهُ فِي غَايَةِ الْكَمَالِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا بَلْ كُلَّمَا أَمْكَنَ مِنْ الْكَمَالِ الَّذِي لَا نَقْصَ فِيهِ فَهُوَ وَاجِبٌ لِلرَّبِّ تَعَالَى وَقَدْ يَعْلَمُ بَعْضُ الْعِبَادِ بَعْضَ حِكْمَتِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ مِنْهَا مَا يَخْفَى. وَالنَّاسُ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْعِلْمِ بِحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَكُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ عِلْمًا بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ ازْدَادَ عِلْمًا بِحِكْمَةِ اللَّهِ وَعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ مُنْعِمٌ عَلَيْهِ بِالْحَسَنَاتِ عَمَلِهَا وَثَوَابِهَا وَأَنَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ عُقُوبَاتِ ذُنُوبِهِ فَبِعَدْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ نَفْسَ صُدُورِ الذُّنُوبِ مِنْهُ - وَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَقْدُورَاتِ الرَّبِّ - فَهُوَ لِنَقْصِ نَفْسِهِ وَعَجْزِهَا وَجَهْلِهَا الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِهَا وَأَنَّ مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ الْحَسَنَاتِ فَهُوَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ وَإِحْسَانِهِ وَجُودِهِ وَأَنَّ الرَّبَّ مَعَ أَنَّهُ قَدْ خَلَقَ النَّفْسَ وَسَوَّاهَا وَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا فَإِلْهَامُ الْفُجُورِ وَالتَّقْوَى وَقَعَ