للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِمْ التِّجَارَةُ؛ وَالْأَنْصَارُ تَغْلِبُ عَلَيْهِمْ الزِّرَاعَةُ وَقَدْ قَالَ لِلطَّائِفَتَيْنِ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} فَذَكَرَ زَكَاةَ التِّجَارَةِ وَزَكَاةَ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ رُبُعُ الْعُشْرِ. وَمِنْ السَّالِكِينَ مَنْ يُمْكِنُهُ الْكَسْبُ مَعَ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَهُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَجَعَلَ الْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ أَصْنَافٍ صِنْفًا أَهْلَ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ وَصِنْفًا يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَصِنْفًا يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالرَّابِعُ الْمُعَذَّرُونَ. وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْغِذَاءَ وَالْقِوَامَ هُوَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ فَلَا يُمْكِنُ طَلَبُهُ كَالْحَيَاةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ هُوَ بَلْ مَا فَعَلَ اللَّهُ بِأَسْبَابِ يُمْكِنُ طَلَبُهُ بِطَلَبِ الْأَسْبَابِ كَمَا مِثْلُهُ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ يُمْكِنُ طَلَبُهُ وَدَفْعُهُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ؛ فَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ يَمُوتَ عَدُوُّ اللَّهِ سَعَيْنَا فِي قَتْلِهِ؛ وَإِذَا أَرَدْنَا دَفْعَ ذَلِكَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ دَفَعْنَاهُ بِمَا شَرَعَ اللَّهُ الدَّفْعَ بِهِ؛ قَالَ تَعَالَى فِي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} وَهَذَا مِثْلُ دَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ عَنَّا هُوَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ فَاللِّبَاسُ وَالِاكْتِسَابُ وَمِثْلُ دَفْعِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ هُوَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ