للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَؤُلَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا مَعَهُمْ فِي مَجْمُوعِ فَلْسَفَتِهِمْ النَّظَرِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ لِلْأَخْلَاقِ وَالْمَنَازِلِ وَالْمَدَائِنِ. وَلِهَذَا كَانَ الْيُونَانُ مُشْرِكِينَ كُفَّارًا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ شَرًّا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ بِكَثِيرِ وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ مَنَّ عَلَيْهِمْ بِدُخُولِ دِينِ الْمَسِيحِ إلَيْهِمْ فَحَصَلَ لَهُمْ مِنْ الْهُدَى وَالتَّوْحِيدِ مَا اسْتَفَادُوهُ مِنْ دِينِ الْمَسِيحِ مَا دَامُوا مُتَمَسِّكِينَ بِشَرِيعَتِهِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ لَكَانُوا مِنْ جِنْسِ أَمْثَالِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ. ثُمَّ لَمَّا غُيِّرَتْ مِلَّةُ الْمَسِيحِ صَارُوا فِي دِينٍ مُرَكَّبٍ مِنْ حَنِيفِيَّةٍ وَشِرْكٍ: بَعْضُهُ حَقٌّ وَبَعْضُهُ بَاطِلٌ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَسْلَافُهُمْ. وَكَلَامُنَا هُنَا فِي " بَيَانِ ضَلَالِ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ " الَّذِينَ يَبْنُونَ ضَلَالَهُمْ بِضَلَالِ غَيْرِهِمْ فَيَتَعَلَّقُونَ بِالْكَذِبِ فِي الْمَنْقُولَاتِ وَبِالْجَهْلِ فِي الْمَعْقُولَاتِ كَقَوْلِهِمْ: إنَّ أَرِسْطُو وَزِيرُ ذِي الْقَرْنَيْنِ الْمَذْكُورِ فِي الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ وَزِيرَ الْإِسْكَنْدَرِ وَذُو الْقَرْنَيْنِ يُقَالُ لَهُ الْإِسْكَنْدَرُ. وَهَذَا مِنْ جَهْلِهِمْ؛ فَإِنَّ الْإِسْكَنْدَرَ الَّذِي وُزِرَ لَهُ أَرِسْطُو هُوَ ابْنُ فَيَلْبَس الْمَقْدُونِيِّ. الَّذِي يُؤَرَّخُ لَهُ تَارِيخُ الرُّومِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَهُوَ إنَّمَا ذَهَبَ إلَى أَرْضِ الْقُدْسِ لَمْ يَصِلْ إلَى السَّدِّ عِنْدَ مَنْ يَعْرِفُ أَخْبَارَهُ وَكَانَ مُشْرِكًا يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ. وَكَذَلِكَ أَرِسْطُو وَقَوْمُهُ كَانُوا مُشْرِكِينَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ وَذُو الْقَرْنَيْنِ كَانَ مُوَحِّدًا مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَكَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى هَذَا وَمَنْ يُسَمِّيهِ الْإِسْكَنْدَرَ يَقُولُ: هُوَ الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ دَارًا.