للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ وَزَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ مُضَاهَاةً لِمَا عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنْ قُدَمَاءِ الْفَلَاسِفَةِ مِنْ تَعْطِيلِ الصَّانِعِ وَإِثْبَاتِ الْوُجُودِ الْمُطْلَقِ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُ فِرْعَوْنَ: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} . وَإِنْ كَانَ الْفَلَاسِفَةُ الْمُسْلِمُونَ لَا يُوَافِقُونَ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يُقِرُّونَ بِالرَّبِّ الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ الْعَالَمُ؛ لَكِنَّهُمْ بِتَعْظِيمِهِمْ لِلْوُجُودِ الْمُطْلَقِ صَارُوا مُتَّفِقِينَ مُتَقَارِبِينَ وَمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ النُّصَيْرِ الطوسي الصابئي الْفَيْلَسُوفِ وَكَلَامَ الصَّدْرِ القونوي النَّصْرَانِيِّ الِاتِّحَادِيِّ الْفَيْلَسُوفِ وَكَلَامَ الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِي الْبَلَاغِ الْأَكْبَرِ وَالنَّامُوسِ الْأَعْظَمِ - الَّذِي يَقُولُ فِيهِ: أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْنَا الْفَلَاسِفَةُ لَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ خِلَافٌ إلَّا فِي وَاجِبِ الْوُجُودِ فَإِنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِهِ وَنَحْنُ نُنْكِرُهُ - عَرَفَ مَا بَيْنَ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ. وَكَذَلِكَ الْمُرَاسَلَةُ الَّتِي بَيْنَ الصَّدْرِ وَالنُّصَيْرِ فِي إثْبَاتِ النُّصَيْرِ لِوَاجِبِ الْوُجُودِ عَلَى طَرِيقَةِ الصَّابِئَةِ الْفَلَاسِفَةِ وَجَعَلَ الصَّدْرُ ذَلِكَ هُوَ الْوُجُودَ الْمُطْلَقَ لَا الْمُعَيَّنَ وَأَنَّهُ هُوَ اللَّهُ عَلِمَ حَقِيقَةَ مَا قُلْته وَعَلِمَ وَجْهَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الضَّلَالِ وَالْكُفْرِ وَأَنَّ النُّصَيْرَ أَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ بِالرَّبِّ الصَّانِعِ الْمُتَمَيِّزِ عَنْ الْخَلْقِ لَكِنَّهُ أَكْفَرُ مِنْ جِهَةِ بُعْدِهِ عَنْ النُّبُوَّةِ وَالشَّرَائِعِ وَالْعِبَادَاتِ. وَأَنَّ الصَّدْرَ أَقْرَبُ مِنْ جِهَةِ تَعْظِيمِهِ لِلْعِبَادَاتِ وَالنُّبُوَّاتِ وَالتَّأَلُّهِ عَلَى طَرِيقَةِ النَّصَارَى؛ لَكِنَّهُ أَكْفَرُ مِنْ حَيْثُ أَنَّ مَعْبُودَهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَإِنَّمَا يَعْبُدُ الْوُجُودَ الْمُطْلَقَ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي الْخَارِجِ