شَيْئًا لَمْ يَجِدْ لَذَّةً كَاَلَّذِي يَشْتَهِي الطَّعَامَ وَلَمْ يَذُقْ مِنْهُ شَيْئًا وَلَوْ ذَاقَ مَا لَا يُحِبُّهُ لَمْ يَجِدْ لَذَّةً كَمَنْ ذَاقَ مَا لَا يُرِيدُهُ فَإِذَا اجْتَمَعَ حُبُّ الشَّيْءِ وَذَوْقُهُ حَصَلَتْ اللَّذَّةُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِنْ حَصَلَ بُغْضُهُ وَذَوْقُ الْبَغِيضِ حَصَلَ الْأَلَمُ فَاَلَّذِي يُبْغِضُ الذَّنْبَ وَلَا يَفْعَلُهُ لَا يَنْدَمُ وَاَلَّذِي لَا يُبْغِضُهُ لَا يَنْدَمُ عَلَى فِعْلِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ وَعَرَفَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يُبْغِضُهُ وَيَضُرُّهُ نَدِمَ عَلَى فِعْلِهِ إيَّاهُ. وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {النَّدَمُ تَوْبَةٌ} . إذَا تَبَيَّنَ هَذَا. فَمَنْ تَابَ تَوْبَةً عَامَّةً كَانَتْ هَذِهِ التَّوْبَةُ مُقْتَضِيَةً لِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ كُلِّهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَعْيَانَ الذُّنُوبِ إلَّا أَنْ يُعَارِضَ هَذَا الْعَامَّ مُعَارِضٌ يُوجِبُ التَّخْصِيصَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الذُّنُوبِ لَوْ اسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ؛ لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ إيَّاهُ أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ حَسَنٌ لَيْسَ بِقَبِيحِ فَمَا كَانَ لَوْ اسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّوْبَةِ وَأَمَّا مَا كَانَ لَوْ حَضَرَ بِعَيْنِهِ لَكَانَ مِمَّا يَتُوبُ مِنْهُ فَإِنَّ التَّوْبَةَ الْعَامَّةَ شَامِلَتُهُ. وَأَمَّا " التَّوْبَةُ الْمُطْلَقَةُ ": وَهِيَ أَنْ يَتُوبَ تَوْبَةً مُجْمَلَةً وَلَا تُسْتَلْزَمُ التَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَهَذِهِ لَا تُوجِبُ دُخُولَ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الذُّنُوبِ فِيهَا وَلَا تَمْنَعُ دُخُولَهُ كَاللَّفْظِ الْمُطْلَقِ؛ لَكِنَّ هَذِهِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِغُفْرَانِ الْمُعَيَّنِ. كَمَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا لِغُفْرَانِ الْجَمِيعِ؛ بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute