للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعَامَّةِ فَإِنَّهَا مُقْتَضِيَةٌ لِلْغُفْرَانِ الْعَامِّ كَمَا تَنَاوَلَتْ الذُّنُوبَ تَنَاوُلًا عَامًّا. وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يَسْتَحْضِرُ عِنْدَ التَّوْبَةِ إلَّا بَعْضَ الْمُتَّصِفَاتِ بِالْفَاحِشَةِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهَا أَوْ بَعْضَ الظُّلْمِ بِاللِّسَانِ أَوْ الْيَدِ وَقَدْ يَكُونُ مَا تَرَكَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ الَّذِي يَجِبُ لِلَّهِ عَلَيْهِ فِي بَاطِنِهِ وَظَاهِرِهِ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَحَقَائِقِهِ أَعْظَمَ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِمَّا فَعَلَهُ مِنْ بَعْضِ الْفَوَاحِشِ فَإِنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ الَّتِي بِهَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا أَعْظَمَ نَفْعًا مِنْ نَفْعِ تَرْكِ بَعْضِ الذُّنُوبِ الظَّاهِرَةِ كَحُبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا أَعْظَمُ الْحَسَنَاتِ الْفِعْلِيَّةِ حَتَّى ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ {أَنَّهُ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ يُدْعَى حِمَارًا وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَكَانَ كُلَّمَا أُتِيَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَهُ الْحَدَّ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ مِنْهُ أُتِيَ بِهِ مَرَّةً فَأَمَرَ بِجَلْدِهِ فَلَعَنَهُ رَجُلٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} . فَنَهَى عَنْ لَعْنِهِ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الشُّرْبِ لِكَوْنِهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ فِي الْخَمْرِ عَشَرَةً: {لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إلَيْهِ وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا} . وَلَكِنَّ لَعْنَ الْمُطْلَقِ لَا يَسْتَلْزِمُ لَعْنَ الْمُعَيَّنِ الَّذِي قَامَ بِهِ مَا يَمْنَعُ لُحُوقَ اللَّعْنَةِ لَهُ.