للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ ادَّعَى الِاخْتِصَاصَ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْجَوَابِ أَوْ تَحَيَّرَ فِي الْأَمْرِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَاسَ جَمِيعَ الْخَلْقِ عَلَى مَا وَجَدَهُ مِنْ نَفْسِهِ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ بَعْضُ هَؤُلَاءِ: إنَّهُ لَا يُمْكِنُ حِينَ تَجَلِّي الْحَقِّ سَمَاعُ كَلَامِهِ وَيُحْكَى عَنْ ابْنِ عَرَبِيٍّ أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ عَنْ الشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ السهروردي أَنَّهُ جَوَّزَ اجْتِمَاعَ الْأَمْرَيْنِ. قَالَ: نَحْنُ نَقُولُ لَهُ عَنْ شُهُودِ الذَّاتِ وَهُوَ يُخْبِرُنَا عَنْ شُهُودِ الصِّفَاتِ وَالصَّوَابُ مَعَ شِهَابِ الدِّينِ فَإِنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الِاعْتِقَادِ فِي امْتِيَازِ الرَّبِّ عَنْ الْعَبْدِ. وَإِنَّمَا بَنَى ابْنُ عَرَبِيٍّ عَلَى أَصْلِهِ الْكُفْرِي فِي أَنَّ الْحَقَّ هُوَ الْوُجُودُ الْفَائِضُ عَلَى الْمُمْكِنَاتِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ شُهُودَ هَذَا لَا يَقَعُ فِيهِ خِطَابٌ وَإِنَّمَا الْخِطَابُ فِي مَقَامِ الْعَقْلِ (١).

وَفِي هَذَا الْفَنَاءِ قَدْ يَقُولُ: أَنَا الْحَقُّ أَوْ سُبْحَانِي أَوْ مَا فِي الْجُبَّةِ إلَّا اللَّهُ إذَا فَنِيَ بِمَشْهُودِهِ عَنْ شُهُودِهِ وَبِمَوْجُودِهِ عَنْ وُجُودِهِ. وَبِمَذْكُورِهِ عَنْ ذِكْرِهِ وَبِمَعْرُوفِهِ عَنْ عِرْفَانِهِ. كَمَا يَحْكُونَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مُسْتَغْرِقًا فِي مَحَبَّةِ آخَرَ فَوَقَعَ الْمَحْبُوبُ فِي الْيَمِّ فَأَلْقَى الْآخَرُ نَفْسَهُ خَلْفَهُ فَقَالَ مَا الَّذِي أَوْقَعَك خَلْفِي؟ فَقَالَ: غِبْت بِك عَنِّي فَظَنَنْت أَنَّك أَنِّي. وَفِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ يَقَعُ السُّكْرُ الَّذِي يُسْقِطُ التَّمْيِيزَ مَعَ وُجُودِ


(١) هذه الكلمة غير متضحة في خط المؤلف لخرم في الأصل