للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَهُمْ؛ لَا سِيَّمَا فِي عُبَّادِ الْبَصْرِيِّينَ فَإِنَّ فِيهِمْ مَنْ مَاتَ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ كزرارة بْنِ أَوْفَى وَأَبِي جهير الضَّرِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَإِنَّ حَالَهُمْ كَانَ أَكْمَلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مَجْنُونٌ أَوْ مَصْعُوقٌ؛ وَمِنْ هَؤُلَاءِ أَيْضًا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ لِلَّهِ وَالتَّوْحِيدُ لَهُ وَالْمَحَبَّةُ حَتَّى غَابَ بِالْمَذْكُورِ الْمَشْهُودِ الْمَحْبُوبِ الْمَعْبُودِ عَمَّا سِوَاهُ؛ كَمَا يَحْصُلُ لِبَعْضِ الْعَاشِقِينَ فِي غَيْبَتِهِ بِمَعْشُوقِهِ عَمَّا سِوَاهُ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالِ: أَنَا الْحَقُّ أَوْ سُبْحَانِي أَوْ مَا فِي الْجُبَّةِ إلَّا اللَّهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الرَّجَاءِ وَالرَّحْمَةِ حَتَّى قَالَ: أَبْسُطُ سَجَّادَتِي عَلَى جَهَنَّمَ. فَمَنْ قَالَ هَذَا فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ كَالسَّكْرَانِ أَوْ الْمُولَهِ وَكَانَ السَّبَبُ الَّذِي أَوْجَبَ ذَلِكَ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ شَرْعًا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ. وَمِثَالُ " الثَّانِي ": مَا قَدْ يَحْصُلُ عِنْدَ سَمَاعِ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ لِكَثِيرِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاعِ فَإِنَّهُ قَدْ يُنْشِدُ أَشْعَارًا فِيهَا مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ بِأَصْوَاتِ مُخَالِفَةٍ لِلشَّرْعِ وَيَكُونُ الْإِنْسَانُ فِيهِ اسْتِعْدَادٌ فَيُوجِبُ ذَلِكَ اخْتِلَاطًا وَزَوَالَ عَقْلٍ حَتَّى يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إمَّا ظَاهِرًا وَإِمَّا بَاطِنًا بِالْهِمَّةِ وَالْقُلُوبِ وَيُوجِبُ أَيْضًا مِنْ تَرْكِ وَاجِبَاتِ الشَّرِيعَةِ وَمِنْ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ.