للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَذَلِكَ قَدْ يَسْلُكُ أَحَدُهُمْ عِبَادَاتٍ غَيْرَ شَرْعِيَّةٍ فِي الِاعْتِقَادَاتِ وَالْأَعْمَالِ فَتُورِثُهُ تِلْكَ الْعِبَادَاتُ وَالْأَعْمَالُ أَحْوَالًا قَوِيَّةً قَاهِرَةً يَتْرُكُ بِهَا الْوَاجِبَاتِ وَيَفْعَلُ بِهَا الْمُحَرَّمَاتِ أَعْظَمَ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ إذَا سَكِرَ بِشُرْبِ الْخَمْرِ بِالنُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ. وَإِذْ خُوطِبَ أَحَدُهُمْ فِي حَالِ صَحْوِهِ وَعَقْلِهِ قَالَ: كُنْت مَغْلُوبًا وَوَرَدَ عَلَيَّ وَارِدٌ فَعَلَ بِي هَذَا وَالْحُكْمُ لِلْوَارِدِ وَهَذِهِ حَالُ كَثِيرٍ مِنْ خُفَرَاءِ الْعَدُوِّ وَكَثِيرٍ مِمَّنْ يُعِينُ الْكَفَرَةَ وَالظَّلَمَةَ وَيَعْتَدِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَحْوَالِ وَيَقُولُ: إنَّهُ مَغْلُوبٌ فِي ذَلِكَ وَإِنَّهُ وَرَدَ عَلَيْهِ وَارِدٌ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَإِنَّهُ خُوطِبَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ. فَيُقَالُ: أَمَّا زَوَالُ عَقْلِك حَتَّى صِرْت لَا تَفْهَمُ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ، وَزَوَالُ قُدْرَتِك حَتَّى صِرْت مُضْطَرًّا إلَى تِلْكَ الْأَفْعَالِ وَإِنْ كُنْت صَادِقًا فِي ذَلِكَ فَسَبَبُهُ تَفْرِيطُك وَعُدْوَانُك أَوَّلًا حَتَّى صِرْت فِي حَالِ الْمَجَانِينِ وَالسُّكَارَى فَأَنْتَ بِمَنْزِلَةِ شَارِبِ الْخَمْرِ الَّذِي سَكِرَ مِنْهَا وَالْمُتَعَرِّضِ لِلْعِشْقِ حَتَّى يَعْشَقَ فَيَفْعَلُ فِيهِ الْعِشْقُ الْأَفَاعِيلَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ سُكْرِ الْأَصْوَاتِ وَالصُّوَرِ وَالشَّرَابِ؛ فَإِنَّ هَذَا سُكْرُ الْأَجْسَامِ وَهَذَا سُكْرُ النُّفُوسِ وَهَذَا سُكْرُ الْأَرْوَاحِ فَإِذَا كَانَ السَّبَبُ مَحْظُورًا لَمْ يَكُنْ السَّكْرَانُ مَعْذُورًا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ.