للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنْ كَانَ حَقًّا وَتَارَةً بِوَاسِطَةِ الشَّيَاطِينِ إذَا كَانَ بَاطِلًا وَالْمَلَائِكَةُ وَالشَّيَاطِينُ أَحْيَاءٌ نَاطِقُونَ كَمَا قَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ الدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ مِنْ جِهَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَكَمَا يَدَّعِي ذَلِكَ مَنْ بَاشَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَقَائِقِ. وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ وَالشَّيَاطِينَ صِفَاتٌ لِنَفْسِ الْإِنْسَانِ فَقَطْ. وَهَذَا ضَلَالٌ عَظِيمٌ.

الثَّالِثُ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ جَاءَتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ مِنْ رَبِّهِمْ بِالْوَحْيِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَرَّبَهُ وَنَادَاهُ كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ مَا حَصَلَ لَهُمْ مُجَرَّدُ فَيْضٍ كَمَا يَزْعُمُهُ هَؤُلَاءِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا فَرَّغَ قَلْبَهُ مِنْ كُلِّ خَاطِرٍ فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا يَحْصُلُ فِيهِ حَقٌّ؟ هَذَا إمَّا أَنْ يُعْلَمَ بِعَقْلِ أَوْ سَمْعٍ وَكِلَاهُمَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ.

الْخَامِسُ: أَنَّ الَّذِي قَدْ عُلِمَ بِالسَّمْعِ وَالْعَقْلِ أَنَّهُ إذَا فَرَّغَ قَلْبَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَلَّتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ ثُمَّ تَنَزَّلَتْ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ كَمَا كَانَتْ تَتَنَزَّلُ عَلَى الْكُهَّانِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ إلَى قَلْبِ ابْنِ آدَمَ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ الَّذِي أَرْسَلَ بِهِ رُسُلَهُ فَإِذَا خَلَا مِنْ ذَلِكَ تَوَلَّاهُ الشَّيْطَانُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} وَقَالَ الشَّيْطَانُ فِيمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} {إلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ