للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّوْحِيدِ أَنْ لَا يُعْبَدَ إلَّا اللَّهُ. وَ " الْعِبَادَةُ " تَتَضَمَّنُ كَمَالَ الْحُبِّ وَكَمَالَ التَّعْظِيمِ، وَكَمَالَ الرَّجَاءِ وَالْخَشْيَةِ وَالْإِجْلَالِ وَالْإِكْرَامِ. وَ " الْفَنَاءُ " فِي هَذَا التَّوْحِيدِ فَنَاءُ الْمُرْسَلِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ وَهُوَ أَنْ تَفْنَى بِعِبَادَتِهِ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ وَبِطَاعَتِهِ عَنْ طَاعَةِ مَا سِوَاهُ وَبِسُؤَالِهِ عَنْ سُؤَالِ مَا سِوَاهُ وَبِخَوْفِهِ عَنْ خَوْفِ مَا سِوَاهُ وَبِرَجَائِهِ عَنْ رَجَاءِ مَا سِوَاهُ وَبِحُبِّهِ، وَالْحُبِّ فِيهِ عَنْ مَحَبَّةِ مَا سِوَاهُ وَالْحُبِّ فِيهِ. وَأَمَّا الغالطون فِي الطَّرِيقِ فَقَدْ يُرِيدُونَ اللَّهَ؛ لَكِنْ لَا يَتَّبِعُونَ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ فِي إرَادَتِهِ. لَكِنْ " تَارَةً " يَعْبُدُهُ أَحَدُهُمْ بِمَا يَظُنُّهُ يُرْضِيهِ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ. وَ " تَارَةً " يَنْظُرُونَ الْقَدَرَ لِكَوْنِهِ مُرَادِهِ فَيَفْنَوْنَ فِي الْقَدَرِ الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ غَرَضٌ وَأَمَّا الْفَنَاءُ الْمُطْلَقُ فِيهِ فَمُمْتَنِعٌ. وَهَؤُلَاءِ يَفْنَى أَحَدُهُمْ مُتَّبِعًا لِذَوْقِهِ وَوَجْدِهِ الْمُخَالِفِ لِلْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ أَوْ نَاظِرًا إلَى الْقَدَرِ. وَهَذَا يُبْتَلَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ خَوَّاصِهِمْ. وَ " الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ " وَنَحْوُهُ مِنْ أَعْظَمِ مَشَايِخِ زَمَانِهِمْ أَمْرًا بِالْتِزَامِ الشَّرْعِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الذَّوْقِ وَالْقَدَرِ، وَمِنْ أَعْظَمِ الْمَشَايِخِ أَمْرًا بِتَرْكِ الْهَوَى وَالْإِرَادَةِ النَّفْسِيَّةِ. فَإِنَّ الْخَطَأَ فِي الْإِرَادَةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ إرَادَةٌ إنَّمَا تَقَعُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ؛ فَهُوَ يَأْمُرُ السَّالِكَ