للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَلَّا تَكُونَ لَهُ إرَادَةٌ مِنْ جِهَةِ هَوَاهُ أَصْلًا؛ بَلْ يُرِيدُ مَا يُرِيدُهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إمَّا إرَادَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنْ تُبَيِّنَ لَهُ ذَلِكَ؛ وَإِلَّا جَرَى مَعَ الْإِرَادَةِ الْقَدَرِيَّةِ فَهُوَ إمَّا مَعَ أَمْرِ الرَّبِّ، وَإِمَّا مَعَ خَلْقِهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ. وَهَذِهِ " طَرِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ صَحِيحَةٌ " إنَّمَا يَخَافُ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ تَرْكِ إرَادَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ أَوْ مِنْ تَقْدِيمِ إرَادَةٍ قَدَرِيَّةٍ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ فَقَدْ يَتْرُكُهَا وَقَدْ يُرِيدُ ضِدَّهَا فَيَكُونُ تَرَكَ مَأْمُورًا أَوْ فَعَلَ مَحْظُورًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. فَإِنَّ " طَرِيقَةَ الْإِرَادَةِ " يُخَافُ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ ضَعْفِ الْعِلْمِ؛ وَمَا يَقْتَرِنُ بِالْعِلْمِ مِنْ الْعَمَلِ وَالْوُقُوعِ فِي الضَّلَالِ كَمَا أَنَّ طَرِيقَةَ الْعِلْمِ يُخَافُ عَلَى صَاحِبِهَا مِنْ ضَعْفِ الْعَمَلِ وَضَعْفِ الْعِلْمِ الَّذِي يَقْتَرِنُ بِالْعَمَلِ؛ لَكِنْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا مِنْ هَذَا وَهَذَا. قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فَإِذَا تَفَقَّهَ السَّالِكُ وَتَعَلَّمَ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ وَكَانَ عِلْمُهُ وَإِرَادَتُهُ بِحَسَبِ ذَاكَ فَهَذَا مُسْتَطَاعُهُ. وَإِذَا أَدَّى الطَّالِبُ مَا أُمِرَ بِهِ وَتَرَكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَكَانَ عِلْمُهُ مُطَابِقًا لِعَمَلِهِ فَهَذَا مُسْتَطَاعُهُ.