وَأَمَّا (الثَّالِثُ) : فَقَدْ تَمَّ شُهُودُهُ فِي أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ وَبِاَللَّهِ. فَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ لِلَّهِ وَيَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا تَكُونُ لَهُ هِمَّةُ إرَادَةٍ أَنْ يَفْعَلَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِ اللَّهِ وَلَا يَفْعَلُ بِنَفْسِهِ وَلَا بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَ (الثَّلَاثَةُ) مُشْتَرِكُونَ فِي الطَّرِيقِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَا يَفْعَلُ إلَّا الطَّاعَةَ لَكِنْ يَتَفَاوَتُونَ بِكَمَالِ الْمَعْرِفَةِ وَالشَّهَادَةِ وَبِصَفَاءِ النِّيَّةِ وَالْإِرَادَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: كَلَامُ الشَّيْخِ كُلِّهِ يَدُورُ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُ الْأَمْرَ مَهْمَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَمَا لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا يَكُونُ فِيهِ مُسْلِمًا لِفِعْلِ الرَّبِّ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارٌ لَا فِي هَذَا وَلَا فِي هَذَا بَلْ إنْ عَرَفَ الْأَمْرَ كَانَ مَعَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ كَانَ مَعَ الْقَدَرِ فَهُوَ مَعَ أَمْرِ الرَّبِّ إنْ عَرَفَ وَإِلَّا فَمَعَ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مِنْ الْحَوَادِثِ مَا لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ فِيهِ حُكْمٌ لَا بِاسْتِحْبَابِ وَلَا كَرَاهَةٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ هُوَ وَالشَّيْخُ حَمَّادٌ الدباس، وَإِنَّ السَّالِكَ يَصِلُ إلَى أُمُورٍ لَا يَكُونُ فِيهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ بِأَمْرِ وَلَا نَهْيٍ بَلْ يَقِفُ الْعَبْدُ مَعَ الْقَدَرِ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ السَّالِكُ فِيهِ عِنْدَهُمْ مَعَ " الْحَقِيقَةِ الْقَدَرِيَّةِ " الْمَحْضَةِ إذْ لَيْسَ هُنَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute