عَنْ مُبَاحٍ آخَرَ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمُبَاحَيْنِ يَسْتَوِي وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ فِي حَقِّهِمْ. أَمَّا السَّابِقُونَ الْمُقَرَّبُونَ فَهُمْ إنَّمَا يَسْتَعْمِلُونَ الْمُبَاحَاتِ إذَا كَانَتْ طَاعَةً لِحُسْنِ الْقَصْدِ فِيهَا؛ وَالِاسْتِعَانَةِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ. وَحِينَئِذٍ فَمُبَاحَاتُهُمْ طَاعَاتٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ الْأَفْعَالُ فِي حَقِّهِمْ إلَّا مَا يَتَرَجَّحُ وُجُودُهُ فَيُؤْمَرُونَ بِهِ شَرْعًا أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ أَوْ مَا يَتَرَجَّحُ عَدَمُهُ فَالْأَفْضَلُ لَهُمْ أَلَّا يَفْعَلُوهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إثْمٌ وَالشَّرِيعَةُ قَدْ بَيَّنَتْ أَحْكَامَ الْأَفْعَالِ كُلِّهَا فَهَذَا " سُؤَالٌ ". وَ " سُؤَالٌ ثَانٍ " وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قُدِّرَ أَنَّ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا لَيْسَ فِيهِ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ كَمَا فِي حَقِّ الْأَبْرَارِ فَهَذَا الْفِعْلُ لَا يُحْمَدُ وَلَا يُذَمُّ وَلَا يُحَبُّ وَلَا يُبْغَضُ وَلَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَّا وُجُودُ الْقَدَرِ وَعَدَمُهُ؛ بَلْ إنْ فَعَلَوْهُ لَمْ يُحْمَدُوا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوهُ لَمْ يُحْمَدُوا، فَلَا يَجْعَلُ مِمَّا يُحْمَدُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي هَذَا الْفِعْلِ كَالْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْ الْغَاسِلِ مَعَ كَوْنِ هَذَا الْفِعْلِ صَدَرَ بِاخْتِيَارِهِمْ وَإِرَادَتِهِمْ. إذْ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا غَيْرُ " الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ ": وَهُوَ مَا فُعِلَ بِالْإِنْسَانِ كَمَا يَحْمِلُ الْإِنْسَانُ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ فَهَذَا خَارِجٌ عَنْ التَّكْلِيفِ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ مَأْمُورٌ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُحِبَّهُ إنْ كَانَ حَسَنَةً وَيُبْغِضَهُ إنْ كَانَ سَيِّئَةً وَيَخْلُوَ عَنْهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنَةً وَلَا سَيِّئَةً، فَمَنْ جَعَلَ الْإِنْسَانَ فِيمَا يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ الْقَدَرُ مِنْ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ - كَالْمَيِّتِ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute