للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبُغْضِهِ لِمَا سَمِعَهُ. وَقَدْ قَالَ الصَّحَابَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ أَحَدَنَا لَيَجِدُ فِي نَفْسِهِ مَا لَأَنْ يَحْتَرِقَ حَتَّى يَصِيرَ حُمَمَةً أَوْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: أو قَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إلَى الْوَسْوَسَةِ} فَالشَّيْطَانُ لَمَّا قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ وَسُوسَةً مَذْمُومَةً تَحَرَّكَ الْإِيمَانُ الَّذِي فِي قُلُوبِهِمْ بِالْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ وَالِاسْتِعْظَامِ لَهُ فَكَانَ ذَلِكَ صَرِيحَ الْإِيمَانِ؛ وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الَّذِي هُوَ الْوَسْوَسَةُ مَأْمُورًا بِهِ. وَالْعَبْدُ أَيْضًا قَدْ يَدْعُوهُ دَاعٍ إلَى الْكُفْرِ أَوْ الْمَعْصِيَةِ فَيَسْتَعْصِمُ وَيَمْتَنِعُ وَيُورِثُهُ ذَلِكَ إيمَانًا وَتَقْوَى؛ وَلَيْسَ السَّبَبُ مَأْمُورًا بِهِ؛ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ} الْآيَةَ. فَهَذَا الْإِيمَانُ الزَّائِدُ وَالتَّوَكُّلُ كَانَ سَبَبَ تَخْوِيفِهِمْ بِالْعَدُوِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَشْرُوعًا بَلْ الْعَبْدُ يَفْعَلُ ذَنْبًا فَيُورِثُهُ ذَلِكَ تَوْبَةً يُحِبُّهُ اللَّهُ بِهَا وَلَا يَكُونُ الذَّنْبُ مَأْمُورًا بِهِ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا. فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ السَّبَبِ مُوجِبًا لِلْخَيْرِ وَمُقْتَضِيًا وَبَيْنَ