للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ لَا يَكُونَ؛ وَإِنَّمَا نَشَأَ الْخَيْرُ مِنْ الْمَحَلِّ. فَالْمَأْمُورُ بِهِ مِنْ الْكَلِمَاتِ الطَّيِّبَاتِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ هِيَ مُوجِبَةٌ لِلْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالثَّوَابِ. وَإِذَا اقْتَرَنَ بِهَا قُوَّةُ إيمَانِ الْعَبْدِ وَمَا يَجِدُهُ مِنْ حَلَاوَةِ الْإِيمَانِ وَتَذَوُّقِهِ مِنْ طَعْمِهِ تَضَاعَفَ الْخَيْرُ وَالرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ وَمَا لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ: إمَّا مِنْ فِعْلِ الْعَبْدِ: مُحَرَّمِهِ وَمَكْرُوهِهِ وَمُبَاحِهِ. وَإِمَّا مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ مَعَهُ: مِنْ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَإِمَّا مِنْ الْحَوَادِثِ السمائية الَّتِي يُصِيبُهُ بِهَا الرَّبُّ إذَا صَادَفَتْ مِنْهُ إيمَانًا وَيَقِينًا فَحَرَّكَتْ ذَلِكَ الْإِيمَانَ وَالْيَقِينَ وَازْدَادَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ إيمَانًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ أَنْ تُحَبَّ تِلْكَ الْأَسْبَابُ أَوْ تُحْمَدَ أَوْ يُؤْمَرَ بِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُقْتَضِيَةً لِذَلِكَ الْخَيْرِ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهَا تَحْرِيكُ السَّاكِنِ وَطَالَ مَا جَرَتْ إلَى شَرٍّ وَضَرَرٍ. وَيُشْبِهُ هَذَا الْبَابُ ذِكْرَ الْحُبِّ الْمُطْلَقِ وَالشَّوْقِ الْمُطْلَقِ وَالْوَجَلِ الْمُطْلَقِ وَمَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ مِنْ نَظْمٍ وَنَثْرٍ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُجْمَلِ أَيْضًا: يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ فَلِذَلِكَ لَمَّ يُشَرِّعْهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَمْ يَأْمُرْ بِهَا فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا يَأْمُرُ بِالْخَيْرِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْبِرِّ وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ شِعْرَ الْمُحِبِّينَ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ مُحِبِّ الْإِيمَانِ وَمُحِبِّ الْأَوْثَانِ وَمُحِبِّ النِّسْوَانِ وَمُحِبِّ المردان وَمُحِبِّ الْأَوْطَانِ وَمُحِبِّ الْأَخْدَانِ.