للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{قَالَ فِي الطَّاعُونِ: إذَا وَقَعَ بِبَلَدِ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضِ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ} فَمَنْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ فَعَرَضَتْ لَهُ فِتْنَةٌ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُعِينُهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا. لَكِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ؛ فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَسْأَلُ الْإِمَارَةَ فَيُوكَلُ إلَيْهَا ثُمَّ يَنْدَمُ فَيَتُوبُ مِنْ سُؤَالِهِ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيُعِينُهُ؛ إمَّا عَلَى إقَامَةِ الْوَاجِبِ وَإِمَّا عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهَا؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْفِتَنِ. كَمَا قَالَ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} وَهَذِهِ الْأُمُورُ تَحْتَاجُ إلَى بَسْطٍ لَا يَتَّسِعُ لَهُ هَذَا الْمَوْضِعُ. وَ (الْمَقْصُودُ) أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا وَيَهْدِيَنَا سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} وَهُمْ الَّذِينَ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَهُ الْهِدَايَةَ لِسَبِيلِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فَهُوَ يُحِبُّ لَنَا وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَتَّبِعَ صِرَاطَ هَؤُلَاءِ وَهُوَ سَبِيلُ مَنْ أَنَابَ إلَيْهِ فَذَكَرَ هُنَا ثَلَاثَةَ أُمُورٍ: الْبَيَانَ وَالْهِدَايَةَ وَالتَّوْبَةَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالسُّنَنِ هُنَا سُنَنُ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. أَيْ: يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ لَنَا سُنَنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ فَيَهْدِي عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ إلَى الْحَقِّ