للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَأَمَّا الْإِرَادَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي أَمْرِهِ وَشَرْعِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ: {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَهَذِهِ إرَادَتُهُ لِمَا أَمَرَ بِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَيُثِيبُ فَاعِلَهُ؛ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَهُ فَيَكُونُ كَمَا قَالَ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} الْآيَةَ. وَكَمَا قَالَ نُوحٌ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فَهَذِهِ إرَادَةٌ لِمَا يَخْلُقُهُ وَيَكُونُهُ. كَمَا يَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَهَذِهِ الْإِرَادَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ حَادِثٍ، وَالْإِرَادَةُ الشَّرْعِيَّةُ الْأَمْرِيَّةُ لَا تَتَعَلَّقُ إلَّا بِالطَّاعَاتِ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ لِمَنْ يَفْعَلُ الْقَبِيحَ: يَفْعَلُ شَيْئًا مَا يُرِيدُهُ اللَّهُ مَعَ قَوْلِهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. فَإِنَّ هَذِهِ الْإِرَادَةَ " نَوْعَانِ ". كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَقَدْ يُرَادُ بِالْهُدَى الْإِلْهَامُ وَيَكُونُ الْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ الْمُطِيعِينَ الَّذِينَ