تَعَالَى أَصَابُوا فِي ذَلِكَ؛ لَكِنْ أَخْطَئُوا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ خَارِجًا عَنْ الْجَنَّةِ فَأَسْقَطُوا حُرْمَةَ اسْمِ الْجَنَّةِ وَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أُمُورٌ مُنْكَرَةٌ؛ نَظِيرُ مَا ذُكِرَ عَنْ الشِّبْلِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} . فَصَرَخَ وَقَالَ أَيْنَ مُرِيدُ اللَّهِ؟ . فَيُحْمَدُ مِنْهُ كَوْنُهُ أَرَادَ اللَّهَ؛ وَلَكِنْ غَلِطَ فِي ظَنِّهِ أَنْ الَّذِينَ أَرَادُوا الْآخِرَةَ مَا أَرَادُوا اللَّهَ؛ وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ بِأُحُدٍ وَهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا اللَّهَ أَفَيُرِيدُ اللَّهُ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ؟ كَالشِّبْلِيِّ؟ وَأَمْثَالِهِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا أَعْرِفُهُ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ سَأَلَ مَرَّةً عَنْ قَوْله تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} قَالَ: فَإِذَا كَانَتْ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ فِي ثَمَنِ الْجَنَّةِ فَالرُّؤْيَةُ بِمَ تُنَالُ؟ فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ بِمَا يُشْبِهُ هَذَا السُّؤَالَ. وَالْوَاجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَا أَعَدَّهُ اللَّهُ لِلْأَوْلِيَاءِ مِنْ نَعِيمٍ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ هُوَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا أَنَّ كُلَّ مَا وَعَدَ بِهِ أَعْدَاءَهُ هُوَ فِي النَّارِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَقُولُ اللَّهُ: أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ بَلْ لَهُ مَا أَطْلَعْتهمْ عَلَيْهِ} وَإِذَا عَلِمَ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute