للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَإِذَا لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَلَمْ يَسْتَعِذْ بِهِ مِنْ النَّارِ فَإِمَّا أَنْ يَطْلُبَ مِنْ اللَّهِ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ طَلَبِ مَنْفَعَةٍ وَدَفْعِ مَضَرَّةٍ. وَإِمَّا أَلَّا يَطْلُبَهُ فَإِنْ طَلَبَ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ وَاسْتَعَاذَ مِمَّا هُوَ دُونَ ذَلِكَ فَطَلَبُهُ لِلْجَنَّةِ أَوْلَى وَاسْتِعَاذَتُهُ مِنْ النَّارِ أَوْلَى. وَإِنْ كَانَ الرِّضَا أَنْ لَا يَطْلُبَ شَيْئًا قَطُّ وَلَوْ كَانَ مُضْطَرًّا إلَيْهِ وَلَا يَسْتَعِيذَ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ وَإِنْ كَانَ مُضِرًّا فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ مُلْتَفِتًا بِقَلْبِهِ إلَى اللَّهِ فِي أَنْ يَفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْرِضًا عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ الْتَفَتَ بِقَلْبِهِ إلَى اللَّهِ فَهُوَ طَالِبٌ مُسْتَعِيذٌ بِحَالِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَبِ بِالْحَالِ وَالْقَالِ. وَهُوَ بِهِمَا أَكْمَلُ وَأَتَمُّ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ مُعْرِضًا عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَحْيَا وَيَبْقَى إلَّا بِمَا يُقِيمُ حَيَاتَهُ وَيَدْفَعُ مَضَارَّهُ بِذَلِكَ. وَاَلَّذِي بِهِ يَحْيَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَدَفْعِ الْمَضَارِّ إمَّا أَنْ يُحِبَّهُ وَيَطْلُبَهُ وَيُرِيدَهُ مِنْ أَحَدٍ أَوْ لَا يُحِبَّهُ وَلَا يَطْلُبَهُ وَلَا يُرِيدَهُ. فَإِنْ أَحَبَّهُ وَطَلَبَهُ وَأَرَادَهُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ كَانَ مُشْرِكًا مَذْمُومًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَحْمُودًا. وَإِنْ قَالَ لَا أُحِبُّهُ وَأَطْلُبُهُ وَأُرِيدُهُ لَا مِنْ اللَّهِ وَلَا مِنْ خَلْقِهِ. قِيلَ: هَذَا مُمْتَنِعٌ فِي الْحَيِّ فَإِنَّ الْحَيَّ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ أَلَّا يُحِبَّ مَا بِهِ يَبْقَى وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ بِالْحِسِّ وَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ امْتَنَعَ أَنْ يُوصَفَ بِالرِّضَا فَإِنَّ الرَّاضِيَ مَوْصُوفٌ بِحُبِّ وَإِرَادَةٍ خَاصَّةٍ إذْ الرِّضَا مُسْتَلْزِمٌ لِذَلِكَ. فَكَيْفَ يُسْلَبُ عَنْهُ ذَلِكَ كُلُّهُ