للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} .

فَرَتَّبَ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَى كَوْنِهِ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ وَيُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَيُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا وَقَالَ فِي آيَةِ هُودٍ: {نُوَفِّ إلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا} - إلَى أَنْ قَالَ - {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ أَعْمَالٌ بَطَلَتْ وَعُوقِبُوا عَلَى أَعْمَالٍ أُخْرَى عَمِلُوهَا وَأَنَّ الْإِرَادَةَ هُنَا مُسْتَلْزِمَةٌ لِلْعَمَلِ وَلَمَّا ذَكَرَ إرَادَةَ الْآخِرَةِ قَالَ: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} . وَذَلِكَ لِأَنَّ إرَادَةَ الْآخِرَةِ وَإِنْ اسْتَلْزَمَتْ عَمَلَهَا فَالثَّوَابُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْعَمَلِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَا كُلَّ سَعْيٍ وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْإِيمَانِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} الْآيَةُ {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} فَهَذَا نَظِيرُ تِلْكَ الْآيَةِ الَّتِي فِي سُورَةِ هُودٍ وَهَذَا يُطَابِقُ قَوْلَهُ: {إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا} إلَّا أَنَّهُ قَالَ: {فَإِنَّهُ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ} أَوْ أَنَّهُ {كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ} فَذَكَرَ الْحِرْصَ وَالْإِرَادَةَ عَلَى الْقَتْلِ وَهَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ فِعْلٌ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا دَخَلَ فِي حَدِيثِ الْعَفْوِ: {إنَّ اللَّهَ عَفَا لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا} .

وَمِمَّا يُبْنَى عَلَى هَذَا مَسْأَلَةٌ مَعْرُوفَةٌ - بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ