للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: - الْمَحَبَّةُ هِيَ الْحَبُّ. فَإِنَّهُ يُقَالُ: أَحَبَّهُ وَحَبَّهُ حُبًّا وَمَحَبَّةً. وَلَا فَرْقَ. وَكِلَاهُمَا مَصْدَرٌ. قَالَ ابْنُ الْمُرَحَّلِ: وَأَنَا أَقُولُ: إنَّهُمَا إذَا كَانَا مَصْدَرَيْنِ فَهُمَا أَمْرٌ عَدَمِيٌّ. قَالَ لَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْكَلَامُ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُقَدِّمَاتِ الضَّرُورِيَّةِ فَقَدْ انْتَهَى وَتَمَّ. وَكَوْنُ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ أَمْرًا وُجُودِيًّا مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ؛ فَإِنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَيَّ إنْ كَانَ خَالِيًا عَنْ الْحُبِّ كَانَ هَذَا الْخُلُوُّ صِفَةً عَدَمِيَّةً. فَإِذَا صَارَ مُحِبًّا فَقَدْ تَغَيَّرَ الْمَوْصُوفُ وَصَارَ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ بِهِ الْحُبُّ. وَمَنْ يُحِسُّ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ يَجِدُهُ كَمَا يَجِدُ شَهْوَتَهُ وَنُفْرَتَهُ وَرِضَاهُ وَغَضَبَهُ وَلَذَّتَهُ وَأَلَمَهُ. وَدَلِيلُ ذَلِكَ: أَنَّك تَقُولُ: أَحَبُّ يُحِبُّ مَحَبَّةً. وَنَقِيضُ أَحَبَّ: لَمْ يُحِبَّ. وَلَمْ يُحِبَّ صِفَةٌ عَدَمِيَّةٌ وَنَقِيضُ الْعَدَمِ الْإِثْبَاتُ. قَالَ ابْنُ الْمُرَحَّلِ: هَذَا يَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِمْ: امْتَنَعَ يَمْتَنِعُ؛ فَإِنَّ نَقِيضَ الِامْتِنَاعِ: لَا امْتِنَاعَ. وَامْتِنَاعُ صِفَةٌ عَدَمِيَّةٌ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الِامْتِنَاعُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ عَقْلِيٌّ؛ فَإِنَّ الْمُمْتَنِعَ لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ خَارِجِيٌّ. حَتَّى تَقُومَ بِهِ صِفَةٌ. وَإِنَّمَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ.