وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعْلُومًا لَهُ ثُبُوتٌ عِلْمِيٌّ وَسَلْبُ هَذَا الثُّبُوتِ الْعِلْمِيِّ: عَدَمُ هَذَا الثُّبُوتِ؛ فَلَمْ يَنْقُضْ هَذَا قَوْلَنَا: نَقِيضُ الْعَدَمِ ثُبُوتٌ وَأَمَّا الْحُبُّ فَإِنَّهُ صِفَةٌ قَائِمَةٌ بِالْمُحِبِّ. فَإِنَّك تُشِيرُ إلَى عَيْنٍ خَارِجَةٍ وَتَقُولُ: هَذَا الْحَيُّ صَارَ مُحِبًّا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُحِبًّا. فَتُخْبِرُ عَنْ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ. فَإِذَا كَانَ نَقِيضُهَا عَدَمًا خَارِجِيًّا كَانَتْ وُجُودًا خَارِجِيًّا. وَفِي الْجُمْلَةِ: فَكَوْنُ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ صِفَةً ثُبُوتِيَّةً وُجُودِيَّةً مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ. فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ نِزَاعٌ وَلَا يُنَاظِرُ صَاحِبَهُ إلَّا مُنَاظَرَةَ السوفسطائية. قُلْت: وَإِذَا كَانَ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ وَنَحْوُهُمَا مِنْ الصِّفَاتِ الْمُضَافَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْغَيْرِ: صِفَاتٌ وُجُودِيَّةٌ. ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ إضَافَةٌ وَنِسْبَةٌ. وَبَيْنَ الصِّفَاتِ الَّتِي هِيَ مُضَافَةٌ مَنْسُوبَةٌ. فَالْحَمْدُ وَالشُّكْرُ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ فَإِنَّ الْحَمْدَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْمُودِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الشُّكْرُ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَشْكُورِ عَلَيْهِ. فَلَا يَتِمُّ فَهْمُ حَقِيقَتِهِمَا إلَّا بِفَهْمِ الصِّفَةِ الثُّبُوتِيَّةِ لَهُمَا الَّتِي هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْغَيْرِ. وَتِلْكَ الصِّفَةُ دَاخِلَةٌ فِي حَقِيقَتِهِمَا. فَإِذَا كَانَ مُتَعَلِّقُ أَحَدِهِمَا أَكْبَرَ مِنْ مُتَعَلِّقِ الْآخَرِ وَذَلِكَ التَّعَلُّقُ إنَّمَا هُوَ عَارِضٌ لِصِفَةِ ثُبُوتِيَّةٍ لَهُمَا. وَجَبَ ذِكْرُ تِلْكَ الصِّفَةِ الثُّبُوتِيَّةِ فِي ذِكْرِ حَقِيقَتِهِمَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا: أَنَّ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ الْإِحْسَانَ امْتَنَعَ أَنْ يَفْهَمَ الشُّكْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute