وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ فِي مَوَاضِعَ. وَبَيَّنَّا أَنَّ كَلَامَهُمْ هَذَا أَفْسَدُ الْكَلَامِ وَأَنَّ هَذَا الَّذِي جَعَلُوهُ مِنْ الْخَصَائِصِ يَحْصُلُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ لِآحَادِ الْعَامَّةِ وَلِأَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّتِي أَخْبَرَتْ بِهَا الرُّسُلُ أَحْيَاءٌ نَاطِقُونَ أَعْظَمُ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ وَهُمْ كَثِيرُونَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلَّا هُوَ} وَلَيْسُوا عَشْرَةً وَلَيْسُوا أَعْرَاضًا لَا سِيَّمَا وَهَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّ الصَّادِرَ الْأَوَّلَ هُوَ " الْعَقْلُ الْأَوَّلُ " وَعَنْهُ صَدَرَ كُلُّ مَا دُونَهُ وَ " الْعَقْلُ الْفَعَّالُ الْعَاشِرُ " رَبُّ كُلِّ مَا تَحْتَ فَلَكِ الْقَمَرِ. وَهَذَا كُلُّهُ يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الرُّسُلِ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُبْدِعٌ لِكُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ. وَهَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ الْعَقْلُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى " {أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلَ فَقَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ فَقَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَعِزَّتِي مَا خَلَقْت خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيَّ مِنْك فَبِك آخِذُ وَبِك أُعْطِي وَلَك الثَّوَابُ وَعَلَيْك الْعِقَابُ} ". وَيُسَمُّونَهُ أَيْضًا " الْقَلَمَ " لِمَا رُوِيَ " {إنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ} " الْحَدِيثَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرُوهُ فِي الْعَقْلِ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو حَاتِمٍ البستي وَالدَّارَقُطْنِي وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ. وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا وَمَعَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute