للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلنَّبِيِّ وَ " الْكَرَامَةَ " لِلْوَلِيِّ وَجِمَاعُهُمَا الْأَمْرُ الْخَارِقُ لِلْعَادَةِ. فَنَقُولُ: صِفَاتُ الْكَمَالِ تَرْجِعُ إلَى " ثَلَاثَةٍ ": الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْغِنَى. وَإِنْ شِئْت أَنْ تَقُولَ: الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ. وَالْقُدْرَةُ إمَّا عَلَى الْفِعْلِ وَهُوَ التَّأْثِيرُ وَإِمَّا عَلَى التَّرْكِ وَهُوَ الْغِنَى وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ. وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ لَا تَصْلُحُ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ إلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ؛ فَإِنَّهُ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ. وَقَدْ أَمَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ دَعْوَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ إنْ أَتَّبِعُ إلَّا مَا يُوحَى إلَيَّ} وَكَذَلِكَ قَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَهَذَا أَوَّلُ أُولِي الْعَزْمِ وَأَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. وَهَذَا خَاتَمُ الرُّسُلِ وَخَاتَمُ أُولِي الْعَزْمِ كِلَاهُمَا يَتَبَرَّأُ مِنْ ذَلِكَ. وَهَذَا لِأَنَّهُمْ يُطَالِبُونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَارَةً بِعِلْمِ الْغَيْبِ كَقَوْلِهِ: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} وَتَارَةً بِالتَّأْثِيرِ كَقَوْلِهِ: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} {أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا} {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا}