للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى قَوْلِهِ {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إلَّا بَشَرًا رَسُولًا} وَتَارَةً يَعِيبُونَ عَلَيْهِ الْحَاجَةَ الْبَشَرِيَّةَ كَقَوْلِهِ: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} {أَوْ يُلْقَى إلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا} . فَأَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا يَمْلِكُ خَزَائِنَ اللَّهِ وَلَا هُوَ مَلَكٌ غَنِيٌّ عَنْ الْأَكْلِ وَالْمَالِ إنْ هُوَ إلَّا مُتَّبِعٌ لِمَا أُوحِيَ إلَيْهِ وَاتِّبَاعُ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ هُوَ الدِّينُ وَهُوَ طَاعَةُ اللَّهِ وَعِبَادَتُهُ عِلْمًا وَعَمَلًا بِالْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ وَإِنَّمَا يَنَالُ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ بِقَدْرِ مَا يُعْطِيه اللَّهُ تَعَالَى فَيَعْلَمُ مِنْهُ مَا عَلَّمَهُ إيَّاهُ وَيَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى مَا أَقْدَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْنِي عَمَّا أَغْنَاهُ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ الْأُمُورِ الْمُخَالِفَةِ لِلْعَادَةِ الْمُطَّرِدَةِ أَوْ لِعَادَةِ غَالِبِ النَّاسِ. فَمَا كَانَ مِنْ الْخَوَارِقِ مِنْ " بَابِ الْعِلْمِ " فَتَارَةً بِأَنْ يُسْمِعَ الْعَبْدَ مَا لَا يَسْمَعُهُ غَيْرُهُ. وَتَارَةً بِأَنْ يَرَى مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ يَقَظَةً وَمَنَامًا. وَتَارَةً بِأَنْ يَعْلَمَ مَا لَا يَعْلَمُ غَيْرُهُ وَحْيًا وَإِلْهَامًا أَوْ إنْزَالُ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ أَوْ فِرَاسَةٍ صَادِقَةٍ وَيُسَمَّى كَشْفًا وَمُشَاهَدَاتٍ وَمُكَاشَفَاتٍ وَمُخَاطَبَاتٍ: فَالسَّمَاعُ مُخَاطَبَاتٌ وَالرُّؤْيَةُ مُشَاهَدَاتٌ وَالْعِلْمُ مُكَاشَفَةٌ وَيُسَمَّى ذَلِكَ كُلُّهُ " كَشْفًا " وَ " مُكَاشَفَةً " أَيْ كَشَفَ لَهُ عَنْهُ.