إرَادَةً شَرْعِيَّةً دِينِيَّةً وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ مِنْهُ إرَادَةً قَدَرِيَّةً كَوْنِيَّةً فَإِثْبَاتُ إرَادَتِهِ فِي الْأَمْرِ مُطْلَقًا خَطَأٌ وَنَفْيُهَا عَنْ الْأَمْرِ مُطْلَقًا خَطَأٌ وَإِنَّمَا الصَّوَابُ التَّفْصِيلُ كَمَا جَاءَ فِي التَّنْزِيلِ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} وَقَالَ {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} وَقَالَ {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} وَقَالَ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.
الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ مَحَبَّتَهُ وَرِضَاهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِرَادَةِ الدِّينِيَّةِ وَالْأَمْرِ الدِّينِيِّ وَكَذَلِكَ بُغْضُهُ وَغَضَبُهُ وَسُخْطُهُ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْإِرَادَةِ الدِّينِيَّةِ فَالْمَحَبَّةُ وَالرِّضَا وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ الْإِرَادَةِ. هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَمَنْ قَالَ إنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ: إمَّا أَنَّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْمَعَاصِيَ مِمَّا يَكْرَهُهَا دِينًا فَقَدْ كَرِهَ كَوْنَهَا وَإِنَّهَا وَاقِعَةٌ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ. وَهَذَا قَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ أَوْ يَقُولُ إنَّهُ لَمَّا كَانَ مُرِيدًا لَهَا شَاءَهَا فَهُوَ مُحِبٌّ لَهَا رَاضٍ بِهَا كَمَا تَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مَا فِيهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَيُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ وَقَدْ رَضِيَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ وَيُحِبُّ مَا أَمَرَ بِهِ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ اسْتِحْبَابٍ وَلَيْسَ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute