الْمَعْنَى ثَابِتًا فِي الْكُفَّارِ وَالْفُجَّارِ وَالظَّالِمِينَ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَلَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَمَعَ هَذَا فَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وَأَحْسَنُ مَا يَعْتَذِرُ بِهِ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ: أَنَّ الْمَحَبَّةَ بِمَعْنَى الْإِرَادَةِ أَنَّهُ أَحَبُّهَا كَمَا أَرَادَهَا كَوْنًا. فَكَذَلِكَ أَحَبَّهَا وَرَضِيَهَا كَوْنًا. وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. (فَإِنْ قِيلَ تَقْسِيمُ الْإِرَادَةِ لَا يُعْرَفُ فِي حَقِّنَا بَلْ إنَّ الْأَمْرَ مِنْهُ بِالشَّيْءِ. إمَّا أَنْ يُرِيدَهُ أَوْ لَا يُرِيدَهُ وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْن الْإِرَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ فَقَدْ يُعْرَفُ فِي حَقِّنَا (فَيُقَالُ وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَلَيْسَ أَمْرُهُ لَنَا كَأَمْرِ الْوَاحِدِ مِنَّا لِعَبْدِهِ وَخَدَمِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا إذَا أَمَرَ عَبْدَهُ فَإِمَّا أَنْ يَأْمُرَهُ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ أَوْ إلَى الْمَأْمُورِ بِهِ أَوْ لِحَاجَتِهِ إلَى الْأَمْرِ فَقَطْ فَالْأَوَّلُ كَأَمْرِ السُّلْطَانِ جُنْدَهُ بِمَا فِيهِ حِفْظُ مُلْكِهِ وَمَنَافِعِهِمْ لَهُ فَإِنَّ هِدَايَةَ الْخَلْقِ وَإِرْشَادَهُمْ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ هِيَ مِنْ بَابِ الْإِحْسَانِ إلَيْهِمْ وَالْمُحْسِنُ مِنْ الْعِبَادِ يَحْتَاجُ إلَى إحْسَانِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} وَقَالَ {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} . وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْ عِبَادَهُ لِحَاجَتِهِ إلَى خِدْمَتِهِمْ وَلَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَى أَمْرِهِمْ وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ إحْسَانًا مِنْهُ وَنِعْمَةً أَنْعَمَ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute