بِخِلَافِ مَنْ تَرَكَهَا مُعْتَقِدًا كَمَالَ مَنْ فَعَلَهَا حِينَئِذٍ مُعَظِّمًا لِحَالِهِ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مَذْمُومًا وَإِنْ كَانَ الْفَاعِلُ لَهَا مَعَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ يَكُونُ هَذَا مِنْ الْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ وَهَذَا مِنْ الْمُقْتَصِدِينَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الِاسْتِمْسَاكَ بِالشَّرِيعَةِ - أَمْرًا وَنَهْيًا - إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ الْمَعْرِفَةِ أَوْ الْحَالِ فَإِذَا حَصَلَ لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الِاسْتِمْسَاكُ بِالشَّرِيعَةِ النَّبَوِيَّةِ بَلْ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَمْشِيَ مَعَ الْحَقِيقَةِ الْكَوْنِيَّةِ الْقَدَرِيَّةِ أَوْ يَفْعَلَ بِمُقْتَضَى ذَوْقِهِ وَوَجْدِهِ وَكَشْفِهِ وَرَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِصَامٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يُعَاقَبُ بِسَلْبِ حَالِهِ حَتَّى يَصِيرَ مَنْقُوصًا عَاجِزًا مَحْرُومًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَاقَبُ بِسَلْبِ الطَّاعَةِ حَتَّى يَصِيرَ فَاسِقًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَاقَبُ بِسَلْبِ الْإِيمَانِ حَتَّى يَصِيرَ مُرْتَدًّا مُنَافِقًا أَوْ كَافِرًا مُلَعَّنًا. وَهَؤُلَاءِ كَثِيرُونَ جِدًّا وَكَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يَحْتَجُّ بِقِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ. فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} فَهِيَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِعَمَلِ الْمُؤْمِنِينَ أَجَلًا دُونَ الْمَوْتِ وَقَرَأَ قَوْلَهُ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْيَقِينَ هُنَا الْمَوْتُ وَمَا بَعْدَهُ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهَؤُلَاءِ مِنْ الْمُسْتَيْقِنِينَ. وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} - إلَى قَوْلِهِ - {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute