للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} فَهَذَا قَالُوهُ وَهُمْ فِي جَهَنَّمَ. وَأَخْبَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالتَّكْذِيبِ بِالْآخِرَةِ وَالْخَوْضِ مَعَ الْخَائِضِينَ حَتَّى أَتَاهُمْ الْيَقِينُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا الْحَالِ لَمْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَكُونُوا مَعَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ أَتَاهُمْ مَا يُوعَدُونَ وَهُوَ الْيَقِينُ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ - {لَمَّا تُوُفِّيَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ - وَشَهِدَتْ لَهُ بَعْضُ النِّسْوَةِ بِالْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيك؟ إنِّي وَاَللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي} وَقَالَ: {أَمَّا عُثْمَانُ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ} أَيْ أَتَاهُ مَا وَعَدَهُ وَهُوَ الْيَقِينُ. وَ " يَقِينٌ " عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ. وَسَوَاءٌ كَانَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيّ الْمَوْتِ. كَالْحَبِيبِ وَالنَّصِيحِ وَالذَّبِيحِ أَوْ كَانَ مَصْدَرًا وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَفْعُولِ. كَقَوْلِهِ: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} وَقَوْلُهُ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} وَقَوْلُهُ: ضَرَبَ الْأَمِيرُ؛ وَغَفَرَ اللَّهُ لَك. قِيلَ: وَقَوْلُهُمْ قُدْرَةٌ عَظِيمَةٌ. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ كَثِيرٌ. فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ؛ بَلْ الْيَقِينُ هُوَ مَا وُعِدَ بِهِ الْعِبَادُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ وَقَوْلِهِ: {حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} كَقَوْلِك: يَأْتِيك مَا تُوعَدُ.

فَأَمَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الْمُرَادَ: اُعْبُدْهُ حَتَّى يَحْصُلَ لَك إيقَانٌ ثُمَّ لَا عِبَادَةَ