للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ بِمَا عَلِمَهُ اللَّهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدِ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ أَنْ يَقُولَ لِمُحَمَّدِ: إنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ اللَّهُ لَا تَعْلَمُهُ وَمَنْ سَوَّغَ هَذَا أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْخَلْقِ: الزُّهَّادِ وَالْعُبَّادِ أَوْ غَيْرِهِمْ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْ دَعْوَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُتَابَعَتِهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَدَلَائِلُ هَذَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ هُنَا. وَقِصَّةُ الْخَضِرِ لَيْسَ فِيهَا خُرُوجٌ عَنْ الشَّرِيعَةِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا بَيَّنَ الْخَضِرُ لِمُوسَى الْأَسْبَابَ الَّتِي فَعَلَ لِأَجْلِهَا مَا فَعَلَ وَافَقَهُ مُوسَى وَلَمْ يَخْتَلِفَا حِينَئِذٍ. وَلَوْ كَانَ مَا فَعَلَهُ الْخَضِرُ مُخَالِفًا لِشَرِيعَةِ مُوسَى لَمَا وَافَقَهُ. وَمِثْلُ هَذَا وَأَمْثَالِهِ يَقَعُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يَخْتَصَّ أَحَدُ الشَّخْصَيْنِ بِالْعِلْمِ بِسَبَبِ يُبِيحُ لَهُ الْفِعْلَ فِي الشَّرِيعَةِ وَالْآخِرُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ السَّبَبَ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْأَوَّلِ. مِثْلُ شَخْصَيْنِ: دَخَلَا إلَى بَيْتِ شَخْصٍ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَعْلَمُ طِيبَ نَفْسِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِي مَنْزِلِهِ إمَّا بِإِذْنِ لَفْظِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَيَتَصَرَّفُ. وَذَلِكَ مُبَاحٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَالْآخَرُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ هَذَا السَّبَبَ لَا يَتَصَرَّفُ وَخَرْقُ السَّفِينَةِ كَانَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَإِنَّ الْخَضِرَ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا وَكَانَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي يَخْتَارُهَا أَصْحَابُ السَّفِينَةِ إذَا عَلِمُوا ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَأْخُذَهَا. . . (١) خَيْرٌ مِنْ انْتِزَاعِهَا مِنْهُمْ.


(١) بياض بالأصل
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٩٨):
ويظهر أن موضع البياض [خرقها، وهذا]، أو نحو ذلك، والله أعلم.