للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَنَظِيرُ هَذَا حَدِيثُ الشَّاةِ الَّتِي أَصَابَهَا الْمَوْتُ فَذَبَحَتْهَا امْرَأَةٌ بِدُونِ إذْنِ أَهْلِهَا. فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَأَذِنَ لَهُمْ فِي أَكْلِهَا وَلَمْ يُلْزِمْ الَّتِي ذَبَحَتْ بِضَمَانِ مَا نَقَصَتْ بِالذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا فِيهِ عُرْفًا وَالْإِذْنُ الْعُرْفِيُّ كَالْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ؛ وَلِهَذَا {بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عُثْمَانَ فِي غَيْبَتِهِ بِدُونِ اسْتِئْذَانِهِ لَفْظًا} وَلِهَذَا لَمَّا دَعَاهُ أَبُو طَلْحَةَ وَنَفَرًا قَلِيلًا إلَى بَيْتِهِ قَامَ بِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ لِمَا عَلِمَ مِنْ طِيبِ نَفْسِ أَبِي طَلْحَةَ وَذَلِكَ لِمَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ مِنْ الْبَرَكَةِ. وَكَذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ لَحَّامًا دَعَاهُ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي شَخْصٍ يَسْتَتْبِعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ طِيبِ نَفْسِ اللَّحَّامِ مَا عَلِمَهُ مِنْ طِيبِ نَفْسِ أَبِي طَلْحَةَ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ قَتْلُ الْغُلَامِ كَانَ مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى أَبَوَيْهِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْتِنُهُمَا عَنْ دِينِهِمَا وَقَتْلُ الصِّبْيَانِ يَجُوزُ إذَا قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِدَفْعِ الصَّوْلِ عَلَى الْأَمْوَالِ؛ فَلِهَذَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ نَجْدَةَ الحروري لَمَّا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَتْلِ الْغِلْمَانِ قَالَ: " إنْ كُنْت تَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا عَلِمَهُ الْخَضِرُ مِنْ الْغُلَامِ فَاقْتُلْهُمْ وَإِلَّا فَلَا تَقْتُلْهُمْ ". وَكَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ {أَنَّ عُمَرَ لَمَّا اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ ابْنِ صَيَّادٍ وَكَانَ مُرَاهِقًا لَمَّا ظَنَّهُ الدَّجَّالَ فَقَالَ: إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَك فِي قَتْلِهِ} فَلَمْ يَقُلْ إنْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَك فِي قَتْلِهِ بَلْ قَالَ: {فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ} .