للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ إعْدَامُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِقَطْعِ فَسَادِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَحْذُورًا وَإِلَّا كَانَ التَّعْلِيلُ بِالصِّغَرِ كَافِيًا فَإِنَّ الْأَعَمَّ إذَا كَانَ مُسْتَقِلًّا بِالْحُكْمِ كَانَ الْأَخَصُّ عَدِيمَ التَّأْثِيرِ كَمَا قَالَ فِي الْهِرَّةِ: {إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسِ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ} . وَأَمَّا بِنَاءُ الْجِدَارِ فَإِنَّمَا فِيهِ تَرْكُ أَخْذِ الْجُعْلِ مَعَ جُوعِهِمْ وَقَدْ بَيَّنَ الْخَضِرُ: أَنَّ أَهْلَهُ فِيهِمْ مِنْ الشِّيَمِ وَصَلَاحِ الْوَالِدِ مَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ التَّبَرُّعَ؛ وَإِنْ كَانَ جَائِعًا. وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْوُجُوبِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْإِبَاحَةِ مَا قَدْ يَكُونُ ظَاهِرًا فَيَشْتَرِكُ فِيهَا النَّاسُ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ خَفِيًّا عَنْ بَعْضِهِمْ ظَاهِرًا لِبَعْضِهِمْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ وَمِنْهُ مَا يَكُونُ خَفِيًّا يُعْرَفُ بِطَرِيقِ الْكَشْفِ وَقِصَّةُ الْخَضِرِ مِنْ هَذَا الْبَابِ. وَذَلِكَ يَقَعُ كَثِيرًا فِي أُمَّتِنَا. مِثْلُ أَنْ يُقَدَّمَ لِبَعْضِهِمْ طَعَامٌ فَيُكْشَفُ لَهُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ أَوْ يَظْفَرْ بِمَالِ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَيَحِلُّ لَهُ أَكْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. فَمِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ الشَّيْخُ مِنْ الْمَعْرُوفِينَ بِالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ كَانَ مِثْلُ هَذَا مِنْ مَوَاقِعِ الِاجْتِهَادِ الَّذِي يُصِيبُ فِيهِ تَارَةً وَيُخْطِئُ أُخْرَى،