للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ الْمُكَاشَفَاتِ يَقَعُ فِيهَا مِنْ الصَّوَابِ وَالْخَطَأِ نَظِيرُ مَا يَقَعُ فِي الرُّؤْيَا وَتَأْوِيلِهَا وَالرَّأْيِ وَالرِّوَايَةِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مَعْصُومًا عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا مَا ثَبَتَ عَنْ الرَّسُولِ؛ وَلِهَذَا يَجِبُ رَدُّ جَمِيعِ الْأُمُورِ إلَى مَا بُعِثَ بِهِ وَلِهَذَا كَانَ الصِّدِّيقُ الْمُتَلَقِّي عَنْ الرَّسُولِ كُلَّ شَيْءٍ؛ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ الْمُحَدَّثِ مِثْلُ عُمَرَ؛ وَكَانَ الصِّدِّيقُ يُبَيِّنُ لِلْمُحَدَّثِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ؛ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى الصَّوَابِ. كَمَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ بِعُمَرِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؛ وَيَوْمَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَذَا الْبَابُ قَدْ بَسَطْنَاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قِصَّةِ الْخَضِرِ مَا يَسُوغُ مُخَالَفَةَ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِ مِنْ الْخَلْقِ. نَعَمْ لَفْظُ " الشَّرْعِ " قَدْ صَارَ فِيهِ اشْتِرَاكٌ فِي عُرْفِ الْعَامَّةِ مِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عِبَارَةً عَنْ حُكْمِ الْحُكَّامِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ قَدْ يُطَابِقُ الْحَقَّ فِي الْبَاطِنِ وَقَدْ يُخَالِفُهُ وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: {إنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوِ مِمَّا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذُهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ} وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالْحُقُوقِ الْمُرْسَلَةِ لَا يُغَيِّرُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْبَاطِنِ فَلَوْ حَكَمَ بِمَالِ زَيْدٍ لِعُمَرِ لِإِقْرَارِ أَوْ بَيِّنَةٍ