للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُغَنِّينَ مَخَانِيث وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي كَلَامِهِمْ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ {عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا أَبُوهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أَيَّامِ الْعِيدِ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَبِمِزْمَارِ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْرِضًا بِوَجْهِهِ عَنْهُمَا مُقْبِلًا بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ إلَى الْحَائِطِ. فَقَالَ: دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ} فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ: أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا سَمَّاهُ الصِّدِّيقُ مِزْمَارَ الشَّيْطَانِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ الْجَوَارِيَ عَلَيْهِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ وَالصِّغَارُ يُرَخَّصُ لَهُمْ فِي اللَّعِبِ فِي الْأَعْيَادِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ {لِيَعْلَمَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً} " وَكَانَ لِعَائِشَةَ لُعَبٌ تَلْعَبُ بِهِنَّ وَيَجِئْنَ صَوَاحِبَاتُهَا مِنْ صِغَارِ النِّسْوَةِ يَلْعَبْنَ مَعَهَا وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْجَارِيَتَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَمَعَ إلَى ذَلِكَ. وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِمَاعِ؛ لَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ. كَمَا فِي الرُّؤْيَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِقَصْدِ الرُّؤْيَةِ لَا بِمَا يَحْصُلُ مِنْهَا بِغَيْرِ الِاخْتِيَارِ. وَكَذَلِكَ فِي اشْتِمَامِ الطَّيِّبِ إنَّمَا يُنْهَى الْمُحْرِمُ عَنْ قَصْدِ الشَّمِّ فَأَمَّا إذَا شَمَّ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ فِي مُبَاشَرَةِ الْمُحَرَّمَاتِ كَالْحَوَاسِّ