للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَمْسِ: مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَاللَّمْسِ. إنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ مِنْ ذَلِكَ بِمَا لِلْعَبْدِ فِيهِ قَصْدٌ وَعَمَلٌ وَأَمَّا مَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَلَا أَمْرَ فِيهِ وَلَا نَهْيَ. وَهَذَا مِمَّا وُجِّهَ بِهِ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي السُّنَنِ عَنْ {ابْنَ عُمَر أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ زَمَّارَةِ رَاعٍ فَعَدَلَ عَنْ الطَّرِيقِ وَقَالَ: هَلْ تَسْمَعُ؟ هَلْ تَسْمَعُ؟ حَتَّى انْقَطَعَ الصَّوْتُ} فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يَأْمُرْ ابْنُ عُمَرَ بِسَدِّ أُذُنَيْهِ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا أَوْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَمِعُ وَإِنَّمَا كَانَ يَسْمَعُ. وَهَذَا لَا إثْمَ فِيهِ. وَإِنَّمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْأَفْضَلِ وَالْأَكْمَلِ كَمَنْ اجْتَازَ بِطَرِيقٍ فَسَمِعَ قَوْمًا يَتَكَلَّمُونَ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَسَدَّ أُذُنَيْهِ كَيْلَا يَسْمَعَهُ فَهَذَا حَسَنٌ وَلَوْ لَمْ يَسُدَّ أُذُنَيْهِ لَمْ يَأْثَمْ بِذَلِكَ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي سَمَاعِهِ ضَرَرٌ دِينِيٌّ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالسَّدِّ. و " بِالْجُمْلَةِ " فَهَذِهِ (مَسْأَلَةُ السَّمَاعِ تَكَلَّمَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي السَّمَاعِ: هَلْ هُوَ مَحْظُورٌ؟ أَوْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ مُبَاحٌ؟ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ مُجَرَّدَ رَفْعِ الْحَرَجِ بَلْ مَقْصُودُهُمْ بِذَلِكَ أَنْ يَتَّخِذَ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ أَهْلُ الدِّيَانَاتِ لِصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَالتَّشْوِيقِ إلَى الْمَحْبُوبِ