وَالتَّخْوِيفِ مِنْ الْمَرْهُوبِ وَالتَّحْزِينِ عَلَى فَوَاتِ الْمَطْلُوبِ فَتُسْتَنْزَلُ بِهِ الرَّحْمَةُ وَتُسْتَجْلَبُ بِهِ النِّعْمَةُ وَتُحَرَّكُ بِهِ مَوَاجِيدُ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَتُسْتَجْلَى بِهِ مَشَاهِدُ أَهْلِ الْعِرْفَانِ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ أَفْضَلُ لِبَعْضِ النَّاسِ أَوْ لِلْخَاصَّةِ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ مِنْ عِدَّةِ وُجُوهٍ؛ حَتَّى يَجْعَلُونَهُ قُوتًا لِلْقُلُوبِ وَغِذَاءً لِلْأَرْوَاحِ وَحَادِيًا لِلنُّفُوسِ يَحْدُوهَا إلَى السَّيْرِ إلَى اللَّهِ وَيَحُثُّهَا عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ. وَلِهَذَا يُوجَدُ مَنْ اعْتَادَهُ وَاغْتَذَى بِهِ لَا يَحِنُّ إلَى الْقُرْآنِ وَلَا يَفْرَحُ بِهِ وَلَا يَجِدُ فِي سَمَاعِ الْآيَاتِ كَمَا يَجِدُ فِي سَمَاعِ الْأَبْيَاتِ؛ بَلْ إذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ سَمِعُوهُ بِقُلُوبٍ لَاهِيَةٍ وَأَلْسُنٍ لَاغِيَةٍ وَإِذَا سَمِعُوا سَمَاعَ الْمُكَاءِ وَالتَّصْدِيَةِ خَشَعَتْ الْأَصْوَاتُ وَسَكَنَتْ الْحَرَكَاتُ وَأَصْغَتْ الْقُلُوبُ وَتَعَاطَتْ الْمَشْرُوبَ. فَمَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا: هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ مُبَاحٌ؟ وَشِبْهِهِ بِمَا كَانَ النِّسَاءُ يُغَنِّينَ بِهِ فِي الْأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ لَمْ يَكُنْ قَدْ اهْتَدَى إلَى الْفَرْقِ بَيْن طَرِيقِ أَهْلِ الْخَسَارَةِ وَالْفَلَاحِ وَمَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا: هَلْ هُوَ مِنْ الدِّينِ؟ وَمِنْ سَمَاعِ الْمُتَّقِينَ؟ وَمِنْ أَحْوَالِ الْمُقَرَّبِينَ؟ وَالْمُقْتَصِدِينَ؟ وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْيَقِينِ؟ وَمِنْ طَرِيقِ الْمُحِبِّينَ الْمَحْبُوبِينَ؟ وَمِنْ أَفْعَالِ السَّالِكِينَ إلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ كَانَ كَلَامُهُ فِيهِ مِنْ وَرَاءِ وَرَاءٍ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ: هَلْ هُوَ مَحْمُودٌ؟ أَوْ مَذْمُومٌ؟ فَأَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute