للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَيَّنَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّهُ بِحَدِيثِهَا وَلَكِنْ حَدَّثَ النَّاسَ كُلَّهُمْ قَالَ: " وَكَانَ أَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا ". وَمِمَّا يُبَيِّنُ هَذَا: أَنَّ فِي السُّنَنِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَامَ الْفَتْحِ قَدْ أَهْدَرَ دَمَ جَمَاعَةٍ: مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَرْحٍ فَجَاءَ بِهِ عُثْمَانُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَايِعَهُ فَتَوَقَّفَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً ثُمَّ بَايَعَهُ وَقَالَ: أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَنْظُرُ إلَيَّ وَقَدْ أَمْسَكْت عَنْ هَذَا فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَّا أَوْمَأْت إلَيَّ؟ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِنَبِيِّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ} فَهَذَا وَنَحْوُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَوِي ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ لَا يُظْهِرُ لِلنَّاسِ خِلَافَ مَا يُبْطِنُهُ كَمَا تَدَّعِيهِ الزَّنَادِقَةُ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَضُلَّالِ الْمُتَنَسِّكَةِ وَنَحْوِهِمْ.

السَّابِعُ: أَنَّهُ قَالَ: " وَمِنَّا مَنْ عَلِمَ فَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ هَذَا وَهُوَ أَعْلَى الْقَوْلِ بَلْ أَعْطَاهُ الْعِلْمَ وَالسُّكُوتَ مَا أَعْطَاهُ الْعَجْزَ وَهَذَا هُوَ أَعْلَى عَالِمٍ بِاَللَّهِ وَلَيْسَ هَذَا الْعِلْمُ إلَّا لِخَاتَمِ الرُّسُلِ وَخَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ وَمَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالرُّسُلِ: إلَّا مِنْ مِشْكَاةِ الرَّسُولِ الْخَاتَمِ وَلَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ إلَّا مِنْ مِشْكَاةِ الْوَلِيِّ الْخَاتَمِ؛ حَتَّى إنَّ الرُّسُلَ لَا يَرَوْنَهُ مَتَى رَأَوْهُ إلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ. فَإِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ - أَعْنِي نُبُوَّةَ التَّشْرِيعِ وَرِسَالَتِهِ - يَنْقَطِعَانِ وَالْوِلَايَةُ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا؛ فَالْمُرْسَلُونَ مِنْ كَوْنِهِمْ أَوْلِيَاءَ: لَا يَرَوْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ فَكَيْفَ مَنْ دُونَهُمْ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ؟ وَإِنْ كَانَ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ تَابِعًا