وَالْحَيَوَانِ وَالْمَعْدِنِ وَالنَّبَاتِ وَيُرِيدُونَ بِهَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ السُّفْلِيَّةِ أَنْ يَنَالُوا مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَعِلْمَ مَا فَوْقَ السَّمَوَاتِ وَأَوَّلَ الْأَمْرِ وَآخِرَهُ؛ وَهَذَا غَلَطٌ بَيِّنٌ اعْتَرَفَ بِهِ أَسَاطِينُهُمْ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُمْكِنٍ وَأَنَّهُمْ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إلَى إدْرَاكِ الْيَقِينِ وَأَنَّهُمْ إنْ يَتَّبِعُونَ إلَّا الظَّنَّ. فَلَمَّا كَانَ هَذَا حَالَ هَذِهِ الصَّابِئَةِ الْمُبْتَدِعَةِ الضَّالَّةِ وَمَنْ أَضَلُّوهُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَكَانَ قَدْ اتَّصَلَ كَلَامُهُمْ بِبَعْضِ مَنْ لَمْ يُهْدَ بِهُدَى اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ مَنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْجَدَلِ صَارُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَأْخُذُوا مَأْخَذَهُمْ كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: {لَتَأْخُذُنَّ مَأْخَذَ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرِ وَذِرَاعًا بِذِرَاعِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَارِسٌ وَالرُّومُ قَالَ: وَمَنْ النَّاسُ إلَّا فَارِسٌ وَالرُّومُ} فَاحْتَجُّوا عَلَى حُدُوثِ الْعَالِمِ بِنَحْوِ مِنْ مَسَالِكِ هَذِهِ الصَّابِئَةِ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ بِأَنْ تَثْبُتَ الْأَعْرَاضُ ثُمَّ يَثْبُتَ لُزُومُهَا لِلْأَجْسَامِ ثُمَّ حُدُوثُهَا ثُمَّ يُقَالُ: مَا لَا يَسْبِقُ الْحَوَادِثَ فَهُوَ حَادِثٌ وَاعْتَمَدَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَدَلِ عَلَى هَذَا فِي إثْبَاتِ حُدُوثِ الْعَالَمِ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الْأَعْرَاضَ - الَّتِي هِيَ الصِّفَاتُ - تَدُلُّ عِنْدَهُمْ عَلَى حُدُوثِ الْمَوْصُوفِ الْحَامِلِ لِلْأَعْرَاضِ الْتَزَمُوا نَفْيَهَا عَنْ اللَّهِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا مُسْتَلْزِمٌ حُدُوثَهُ. وَبُطْلَانَ دَلِيلِ حُدُوثِ الْعَالَمِ - الَّذِي اعْتَقَدُوا أَنْ لَا دَلِيلَ سِوَاهُ بَلْ رُبَّمَا اعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيمَانُ أَحَدٍ إلَّا بِهِ - مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute